قالت منظمة migrantrights الدولية المختصة بالدفاع عن العمال اللاجئين، إن خطر المرابين يحاصر المهاجرين في البحرين في خضم انتهاكات واسعة يتعرض لها العمال الأجانب في البلاد.
وبحسب المنظمة في تقرير لها تابعه “بحريني ليكس”، فإن شبكة منظمة من المرابين تعتاش على فئات البسطاء والضعفاء وتجرهم إلى مصاعب مالية أعمق في البحرين.
وأشعلت حادثة انتحار عامل مهاجر بسبب عدم قدرته على سداد قرض، احتجاجا وضجيجا في البحرين، ودعوات للحكومة لاتخاذ إجراءات في مواجهة ممارسات الإقراض الجائرة. وأثارت وفاة المهاجر أسئلة عاجلة حول عمق المشكلة في المملكة.
في منصة معروفة للمهاجرين، استفسر عامل حول اقتراض 1000 دينار بحريني (2,652 دولار أمريكي)، وكان على استعداد لدفع فائدة على القرض. وتم تحذيره من فعل ذلك من قبل مستخدمين آخرين.
إلا أن المرابين يبحثون عن مثل هذه الطلبات ويعدون بــ “ائتمان سهل” بأسعار فائدة شهرية عالية لدرجة غير مبررة.
وفي حالة تأخّر التسديد، فهم يلجؤون إلى ممارسات غير أخلاقية للتحصيل من شأنها أن تصدم المقترضين، بما في ذلك الابتزاز، والتهديد بإيذاء عائلاتهم في أوطانهم، والتهديد بالضرب، وبإساءة استخدام الوثائق الشخصية مثل الجواز، وتشويه السمعة وغير ذلك.
وغالبا ما يكون هؤلاء المقرضين غير مرخصين ويعملون بدون نظام. والكثير من هؤلاء المرابون مرتبطون بعصابات منظمة في بلدانهم الأصلية بحسب سلطات تطبيق القانون.
مات راجيفان شيلابورام، من مالابورام في كيرلا، الهند، منتحراً في أكتوبر من العام الماضي. وتقول عائلته أن وفاته مرتبطة، بما لا يقبل الشك، بالمرابين. وكان راجيفان قد عمل في البحرين لأكثر من 15 عاماً في شركة لمواد البناء.
وكان هو العائل الوحيد لأسرته، وترك ورائه زوجته سيمجيشا، وولدين يبلغان من العمل أربع وسبع سنوات بالإضافة إلى والديه.
وكشفت زوجته سيمجيشا، في رسالة مؤرخة في 16 فبراير 2023 بعثتها للسلطات في الهند والبحرين، عن دليل للصلة بين انتحار زوجها والشخص الذي أقرضه المال.
وكتبت سيمجيشا أنها وجدت معلومات في هاتف زوجها المتوفي، الجوال تشير إلى أنه اقترض المال بأسعار فائدة عالية من عامل مهاجر آخر، هو أيضا مواطن من مالابورام عمل في منجرة في مدينة حمد.
تقول سيمجيشا إن زوجها المتوفي اقترض 700 دينار بحريني (1,860 دولار أمريكي) من أحد المقرضين قبل تفشى الجائحة لتسديد بعض الدين في بلده.
لكنه لم يتمكن من العودة للعمل في البحرين بسبب قيود كوفيد لمدة عام، الأمر الذي حرمه من الحصول على دخل يسدد منه القرض كما هو مخطط له.
وقال صهره جيوتيش كومار: لا نعرف التاريخ المحدد الذي اقترض فيه المال- لكننا علمنا أنه كان 700 دينار وذلك بعد تفشى كوفيد وذلك عنما وجدنا يعاني من أجل دفع مبالغ الفائدة.
واكتشفت سيمجيشا أن المقرض استلم 1,270 دينار بحريني (3,370 دولار أمريكي) من زوجها المتوفي، في الفترة ما بين ديسمبر 2021، وديسمبر 2022.
وأرفقت كشف المدفوعات برسالة الشكوى ومعها نسخاً من إشعار التحويل. ويبدو أن المدفوعات، المفترض أنها الفائدة المحتسبة شهرياً، كانت تحول لأشخاص مختلفين ولحسابات مختلفة بحسب توجيه المقترض في رسائل نصية وصوتيه.
ويبدو من رسالة صوتية بعثها راجيفان للمقرض قبل وفاته بفترة قصيرة، أنه كان يؤكد الرابط.
تؤكد التقارير المحلية أن المرابين ليسوا بمشكلة جديدة في المملكة. ففي 2016، أدان الادعاء العام رجلين بتهمة القتل العمد لأحد افراد عصابات المرابين في الحورة. ويبلغ عمر الضحية، وهو باكستاني الجنسية، 47 عاما ويعمل في قوة دفاع البجرين، بينما ينتمي المشتبهان للجنسية الفلبينية.
في 2019، تم تداول حادثة محاولة أحد أفراد عصابة المرابين لاختطاف عاملا مهاجرا هنديا يدعى كريشنان كاتي سوريش بسبب قرض غير مدفوع. ونجح سوريش في الهرب، وقام بعد ذلك بإبلاغ سفارته عن الموضوع.
وكان على سوريش ديناً مستحقا بقيمة 500 دينار بحريني (1,326 دولار أمريكي) لمرابي القروض، ومن المفترض أن يدفع 49 دينار بحريني بشكل شهري كفوائد على الدين، إلا أن ذلك لم يمكنه من إنقاص الدين. فدفع ما مجموعه 1,149 دينار بحريني كفوائد فقط- أي أكثر من ضعف المبلغ المدان به.
في 2018، تشكلت مجموعة من المتطوعين أطلقوا على أنفسهم اسم Palisha Virudha Samithi (لجنة مواجهة الفوائد) بعد ارتفاع عدد حالات الانتحار إلى مستوى مقلق في ذلك العام.
بحسب صحيفة Gulf Daily News، بلغ عدد حالات الانتحار بين المهاجرين 31 شخص في 2018، من بينهم 23 هندياً. وتشكلت المجموعة التي تسعى الآن للحصول على وجود رسمي، في الأصل في 2010 لمساعدة ضحايا ربا القروض.
يزعم منسق لجنة مواجهة الفوائد، كاشميكاندي يوغاناندان أن أكثر 59% من حالات الانتحار بين المهاجرين الرجال كانوا يواجهون ضغوطا من المرابين.
وقال يوغاناندان “غالباً ما تكون الفوائد 10 دينار بحريني (27 دولار أمريكي) شهرياً، وفي معظم الأحيان ينتهي الأمر بالكثيرين، بدفع أكثر من ضعف ما قاموا باقتراضه”.
ويضيف: “البعض في حاجة حقيقية للمال وهم مجبرون على الاقتراض، لكن هناك عدد كبير ممن يفعلون ذلك بسبب سوء التخطيط المالي”.
تحاول هذه اللجنة مساعدة المديونين من خلال الوساطة مع المرابين. ويوضح يوغاناندان انهم يهدفون إلى جعل المرابين يشعرون بالضغط وبأنهم سيتحملون المسئولية في حال وقوع أية وفيات.
كما أنشأت اللجنة ثلاث مجموعات من خطوط ساخنة لضحايا هؤلاء المرابون. وتستقبل كل مجموعة مكالمات بمعدل مكالمتين على الأقل أسبوعيا.
وخلال الأسبوع الأخير، قالت المجموعة إنهم تسلموا بلاغات من 5 ضحايا يدفعون فوائد تتراوح ما بين 45 دينار بحريني و60 دينار بحريني (120 – 160 دولار أمريكي)، والتي لم تذهب في سبيل خفض الدين.
كذلك تشكلت مجموعة تطوعية أخرى باسم Pravasi Legal Cell (PLC) التي تقدم المساعدة القانونية للمهاجرين.
وعبّر رئيس PLC، سودير ثيرونيلاث عن قلقه من الوضع، مشيراً إلى أن اللجنة تتابع حالة راجيفان. وقال: تسلمنا رسالة من زوجة راجيفان، وتقدم اللجنة PLC كل الدعم لعائلة الضحية.
يشار إلى هاتف راجيفان النقال كان مع الشرطة البحرينية، وتمكنّا من استرجاعه بمساعدة محامينا هناك. وعندما قمنا بفتحه وتشغيله، تمكنا من الحصول على الرسائل الصوتية الضرورية ذات العلاقة بوفاته المرتبطة بالمرابين.
يفتقر المهاجرون من ذوي الدخول المتدنية في البحرين للحماية الاجتماعية وتضمينهم في خطط الأمان المالي، كما لا يتوفر لهم أي منتجات مصرفية مثل القروض الشخصية التي تحتسب عليها فوائد معقولة.
وتؤدي الوظائف غير المستقرة والأجور المنخفضة وتفشي ظاهرة سرقة الأجور إلى جعل المهاجرين تحديداً أكثر عرضة للاستغلال من قبل المرابين الذين يملؤون هذه الثغرات الحمائية والخدماتية.
وفي الوقت الذي يتحتم على حكومة البحرين اتخاذ إجراءات صارمة ضد المقرضين الجشعين وتوفير الدعم والاستشارة القانونية للضحايا، فإنه من الضروري أيضاً معالجة أسباب وقوع العمال المهاجرين تحت الضغط المالي.
ويتوجب كذلك اتخاذ إجراء صارم ضد الأجور المتأخرة وسرقة الأجور، وذلك بوضع حد أدنى للأجور يتناسب مع تكلفة المعيشة، وتوسيع إمكانيات وصول المهاجرين لأنظمة الضمان الاجتماعي بما في ذلك مزايا البطالة.