تشهد البحرين انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان وسط اضطهاد ديني ممنهج بفعل سياسات النظام الخليفي القمعية على كافة المستويات.
ورصدت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية المعارضة، إن شهر يوليو/ تموز الماضي سجل أكثر من 220 انتهاكًا حقوقيًا، ومعظمها انتهاكاتٌ دينية.
وأشارت الوفاق في تقريرها الشهري، إلى الاستهداف الأمني الذي طال حرية ممارسة الشعائر الدينية في العديد من المناطق وداخل السجون، تحديدًا بما خص مناسبة عيد الغدير، وإحياء ذكرى عاشوراء، وفعالية سلام يا مهدي.
وأكدت أنه تم في الشهر الماضي، رصد تسع حالات اعتقال، أبرزهم بحق الباحث والمؤلف الدكتور نادر كاظم، وثلاثة أطفال، فيما بلغ عدد حالات الاستدعاء 16 حالة بحق 14 مواطنًا، أبرزهم علي مهنا، وعبد المجيد عبدالله محسن، اللذين تم استدعاءهما مرتين، بالإضافة إلى استدعاء الطفلين أحمد علي حبيل، وفاضل خضير قبَيل اعتقالهما.
وأضافت أن عدد الأحكام التعسفية بلغت ثلاثة أحكام بحق محكومين، من ضمنهم طفل واحد هو أحمد حسين حمادي، كما تم توثيق عدد من حالات الانتهاكات الفردية والجماعية داخل سجني جو المركزي والحوض الجاف، جميعها حالات سوء معاملة وتضييق على الحريات الدينية.
ولفتت إلى أن عدد مداهمات العناصر الأمنية للمناطق بلغت 159 مداهمة في 37 منطقة، أبرزها في السنابس، الديه، الدراز، وبلغ عدد الاحتجاجات والفعاليات السلمية أربعين احتجاجًا في 15 منطقة، أبرزها في بلدة السنابس.
يأتي ذلك فيما تسعى الأسرة الحاكمة لحصر الشيعة في مناطقهم وقراهم، دون السماح لهم بالذهاب لأي مناطق أخرى”.
وأبرز موقع “مرآة البحرين“ المعارض تصريحات محافظ المحرق “سلمان بن هندي”، أواخر العام 2006، حين اشترط موافقة المحافظة على أي عملية بيع للعقارات في المحرق، وهو ما فهم بأنه منع رسمي لتداول العقارات في المنطقة.
جمعية الوفاق وجهت بعد دخولها البرلمان، سؤالاً برلمانياً إلى وزير العدل والشئون الإسلامية، والمسؤول السياسي عن جهاز المساحة والتسجيل العقاري، لكن الوزير نفى وجودَ حظر على تداول العقارات في المحرق، وتحدث عن العمل على المحافظة على المباني التراثية وعدم المساس بها.
أضاف التقرير: “بعد عامين من تصريح “بن هندي” نسمع من رئيس مجلس بلدي المحرق “محمد حمادة” كلاماً مغايراً، حين أوضح وجود مخطط تعمل عليه وزارة الأشغال؛ لتطوير مناطق المحرق القديمة، وعلى ضوء ذلك سيتم وقف البيع، وإذا كان التداول بين أهالي المحرق فلا مانع”.
وتابع “أوقفنا بعض التداول في بعض المناطق التي هي تحت التطوير، فهناك منازل تقع على الطرق المستقبلية، وأوقفنا البيع؛ لمنع تعقيد المشروع أو زيادة سعر المنازل، وهناك تقنين للبيع ليس إلا”.
وذكر التقرير: “تواطأ جهاز المساحة والتسجيل العقاري منذ سنوات مع كل القرارات التي تحاصر هوية أغلبية المواطنين البحرينيين، وهي الهوية الشيعية، ولا نذيع سراً حين نقول إن قرارات منْع تملك الشيعة في الرفاعين (الشرقي والغربي) هي قرارات معمول بها منذ الأزل، لكن جهاز المساحة تلقى تعليمات جديدة، بدأت تطال العديد من المناطق في البحرين”.
يذكر التقرير: “غرض كل هذه القرارات كما يقولون الحفاظ على الطبيعة السكانية” للمناطق، وهي ما تعني واقعاً، إنهاء الوجود الشيعي أو منع التمدد الشيعي للمناطق التي يراد لها أن تبقى سنية بالكامل، حيث يمنع جهاز التسجيل العقاري حالياً الشيعة من التملك في مدينة المحرق، البسيتين، قلالي، الحورة، القضيبية، البديع، والمحافظة الجنوبية بشكل عام”.
يوضح الموقع أنه عند القيام بأي معاملة شراء، يشترط عليك الحصول على موافقة التسجيل العقاري، فيما يقوم هذا الجهاز بإصدار الموافقة الخطية لك، أما في حال الرفض، فيكتفي بإبلاغ المشتري عبر الهاتف دون تزويده بأي وثائق مكتوبة.
وينقل التقرير عن أحد موظفي الجهاز قائلاً: “هناك تعليمات بعدم البيع للشيعة في هذه المناطق، حتى إن كان مالك العقار شيعياً، لكن الأمور تبقى رهن تقدير الموظف والمسؤول”.
ويضيف الموظف: “في بعض الأحيان فإن أسماء بعض الشيعة لا تشير إلى انتمائهم المذهبي، وهو ما يعني صدور الموافقة؛ لتوقع الموظف أن المشتري سني، أما السنة فيمكنهم الشراء والتملك في معظم مناطق البحرين مع استثناءات بسيطة تتعلق بالرفاع الغربي، وترتبط بالعائلة التي ينتمي إليها السني الذي يريد التملك في تلك المنطقة الحساسة”.
ويتابع: “المنطقة الجديدة من قلالي تحولت في مطلع الألفينات إلى منطقة مختلطة نوعاً ما؛ نظراً لتملك الشيعة العجم من المحرق فيها، هذا الأمر توقف منذ أكثر من 10 سنوات، والآن يمكن للباكستاني المتجنس حديثاً، الذي لا يتقن اللغة العربية أن يتملك في قلالي، بينما الشيعي العجمي الذي ولد وعاش في مدينة المحرق لا يمكنه ذلك”.
يرى التقرير أن هذه الأمثلة تبين سعيَ الأسرة الحاكمة لحصر الشيعة في مناطقهم وقراهم، دون السماح لهم بالذهاب لأي مناطق أخرى، ويقول: “المشروع لا ينتهي هنا بالتأكيد، بل له تكملة تتعلق بالهوية الشيعية للمنامة والتواجد الشيعي في قلب مدينة المحرق”.
ويذكر بأنه في العام 2016 أصدرت هيئة البحرين للثقافة والآثار قانونَ “التراث البحريني” الذي فرض وصاية الهيئة على عقارات مملوكة للمواطنين في مناطق عديدة في البحرين، أبرزها المنامة والمحرق، والذي منع أصحاب العقارات تلك من التصرف بها، هدماً وبناءً، أو حتى بيعاً.
ويقول التقرير: “لطالما كانت عين الحكم في البحرين على العاصمة المنامة، فهي المعضلة الحقيقية التي ظلت تؤرق هذه الأسرة، إذ إن عاصمة البلد مليئة بعشرات المآتم، وفي مناسبات مثل عاشوراء، تستقطب الآلاف من المواطنين المشاركين في هذه الفعاليات، وتظهر الهوية الحقيقية للعاصمة، والتي تكافح الأسرة من أجل طمسها وإبقائها في القرى والمناطق الشيعية فقط، مع تحجيمها قدر المستطاع”.
“لذلك عمدت السلطة بكل ما تملك إلى محاولة إظهار هويات أخرى في المنامة منذ سنوات، بَدءاً من الكنائس المسيحية وصولاً إلى المعبد الهندوسي، وانتهاءً بالكنيس والحي اليهودي، الذي ظهر إلى العلن مع توقيع اتفاقات التطبيع مع الكيان الإسرائيلي”.. يتابع الموقع.
ويكمل: “تظهر الخارطة السياحية الجديدة للمنامة حلمَ الأسرة الحاكمة بوضوح، كل المعالم الثقافية والدينية في المنامة هي عبارة عن كنيس يهودي، معبد هندوسي، وجامع الفاضل، لكن لا وجود لحوالي 100 مأتم (رجالي ونسائي) وعشرات المساجد الشيعية التي شيدَ بعضها قبل 200 عام، لا وجود للشيعة هنا”.
ويختم التقرير قائلاً: “الأسرة الحاكمة اليوم تفضل الهوية اليهودية على الهوية الشيعية في العاصمة المنامة، كما أنها فضلت قبل عقد ونيف، بيعَ المنازل السكنية في قلالي للباكستانيين واليمنيين المجنسين حديثاً، على الشيعي العجمي الذي يقطن هو وأسرته المحرق منذ عشرات السنين”.