البحرين تواجه المحكمة العليا البريطانية بتهمة التجسس على معارضين

تتجه الأنظار إلى المحكمة العليا في المملكة المتحدة هذا الأسبوع، حيث ستناقش قضية مثيرة للجدل ضد البحرين تتعلق ببرامج المراقبة الرقمية، في سابقة نادرة تهدد الحصانة السيادية للدول الاستبدادية أمام القضاء البريطاني.

وتتعلق القضية بالمعارضين البحرينيين الدكتور سعيد شهابي وموسى محمد، اللذين يتهمان الحكومة البحرينية باستخدام برنامج المراقبة الألماني الصنع FinFisher لاختراق حواسيبهم أثناء إقامتهما في لندن، مما ألحق بهما أضرارًا نفسية جسيمة.

وتأتي جلسة المحكمة العليا بعد أن فقدت البحرين ادعاءها بالحصانة السيادية في كل من المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف، ويعكس نقل القضية إلى أعلى هيئة قضائية في المملكة المتحدة أهمية السمعة الدولية للمملكة الخليجية.

ويقول خبراء قانونيون إن أي حكم لصالح المدعين سيكون له تداعيات واسعة النطاق على كيفية استخدام الدول الاستبدادية لتقنيات المراقبة لملاحقة المعارضين خارج حدودها.

وتركز جلسة المحكمة العليا، التي ستبدأ اليوم، على ما إذا كان الرجلان لهما الحق في المطالبة بتعويضات بسبب ادعاء البحرين بالحصانة، وليس على ما إذا كانت الأضرار قابلة للتطبيق.

إذ يؤكد القانون البريطاني، تحديدًا بند الإصابات الشخصية في قانون حصانة الدولة لعام 1978، أن الدولة الأجنبية لا تتمتع بالحصانة في حال التسبب في إصابة شخصية داخل المملكة المتحدة، حتى لو كانت بعض الأفعال قد وقعت في الخارج.

ويؤكد شهابي ومحمد أن أجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بهما أصيبت ببرمجيات مراقبة خبيثة في سبتمبر/أيلول 2011، وأن ذلك تم بتنفيذ أو تفويض أو إشراف الحكومة البحرينية أو عملائها.

ووفقًا لمحامي الفريق الدولي في شركة لي داي، فإن برنامج FinSpy قادر على جمع بيانات شاملة من الأجهزة المصابة، بما في ذلك تسجيل ضغطات المفاتيح، المكالمات الصوتية، الرسائل الإلكترونية، الرسائل الفورية، الصور، مقاطع الفيديو، وقواعد البيانات، إلى جانب الوصول المباشر إلى الميكروفون والكاميرا.

وقد قضت محكمة الاستئناف بأن التلاعب عن بُعد بأجهزة حاسوب موجودة في المملكة المتحدة يُعد فعلاً داخل المملكة، وبالتالي يمثل انتهاكًا للسيادة الإقليمية البريطانية.

كما أكدت المحكمة أن مفهوم “الإصابة الشخصية” يشمل الضرر النفسي، ما يمنح المعارضين المتضررين أساسًا قانونيًا للمطالبة بالعدالة.

في المقابل، نفت البحرين المزاعم، مؤكدة أن أجهزة الكمبيوتر لم تُصَب ببرامج تجسس. ورغم ذلك، خلص قاضي المحكمة العليا إلى أن المدعين تمكنوا من إثبات احتمالية تدخل موظفين أو وكلاء بحرينيين في أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم. ويمكن الطعن على صحة هذا الحكم لاحقًا في محاكمة كاملة إذا رفضت المحكمة العليا ادعاءات الحصانة البحرينية.

ويعد الدكتور شهابي، مؤسس حزب الوفاق المعارض، أحد أبرز الشخصيات التي طالها القمع البحريني، وقد رحب بجلسة المحكمة العليا، مؤكّدًا أنها رسالة واضحة للحكومات الأجنبية التي تلاحق معارضيها السياسيين بوسائل غير مشروعة، بما في ذلك التجسس على حياتهم الخاصة وأجهزتهم الرقمية.

وقال موسى محمد، الذي فر من البحرين عام 2006 بعد اعتقالات متكررة: “وصلت رحلتنا الآن إلى أعلى محكمة في البلاد. كان التأثير مدمرًا – خاصة على من وضعوا ثقتهم بي وعلى عائلتي وأصدقائي. يجب محاسبة الدول المسيئة مثل البحرين على تدمير حياتنا، ولا يمكن السماح لها بالاختباء وراء الحصانة الدبلوماسية لتعزيز قمعها العابر للحدود”.

وقد سحبت البحرين الجنسية من الرجلين، في خطوة أخرى تعكس حجم القمع السياسي الذي يمارسه النظام ضد المعارضين.

وتقول إيدا أدوا، المحامية المساعدة في مكتب لي داي، إن القضية تثير أسئلة جوهرية حول المساءلة عن استخدام تقنيات المراقبة التطفلية ضد النشطاء وأعضاء المجتمع المدني، مشيرة إلى أن “عملائنا وغيرهم من المعارضين انتظروا طويلًا لتوضيح هذه القضايا، ولضمان عدم إفلات الحكومات القمعية من العقاب”.

وتسلط هذه القضية الضوء على الممارسات المستمرة للنظام البحريني في قمع المعارضة، وإمعانه في استخدام التكنولوجيا لتعقب وإرهاب معارضيه حتى خارج حدود مملكته.

وفي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى المحكمة العليا البريطانية، يبدو أن المملكة المتحدة قد تواجه اختبارًا حقيقيًا لقدرتها على فرض العدالة على الدول التي تتحدى القانون الدولي وحقوق الإنسان.

Exit mobile version