تناولت رابطة الصحافة البحرينية ومقرها لندن، واقع التهميش الذي تعانيه الصحافيات البحرينيات في ظل قمع السلطات الخليفة وتقييدها حرية الرأي والتعبير.
وقالت الرابطة في تقرير لها تلقى “بحريني ليكس” نسخة منه، إنه قد يكون انخراط المرأة البحرينية في مجال الصحافة قديم نوعا ما مقارنة بالدول المجاورة، إلا إنه حضور لم يتطور خلال السنوات العشر الأخيرة وظل محدودًا وصوريًا في كثير من الأحيان.
وبحسب الرابطة لا يوجد صحف أو قنوات تلفزيونية وإذاعية ترفض توظيف النساء في البحرين، على العكس، الصحافيات متواجدات لكن أدوارهن عادة ما تكون محددة ومرسومة ونمطية.
ولا تتعدى في معظم الأحيان العمل في أقسام الموضة والأزياء والفن وإدارة صفحاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي للمواقع الإلكترونية، أما في القنوات التلفزيونية فيتم عادةً توظيفهن كمذيعات أو مقدمات برامج ترفيهية، كذلك الأمر في الإذاعة.
أما التخصصات الأخرى الأكثر أهمية كتغطية الأخبار الدولية أو أخبار المجلس النيابي أو البرامج الحوارية من العيار الثقيل فهي من حصة زملائهن من الرجال، إلا في حالات نادرة.
ظاهريًا، تبدو الصحف اليومية مؤمنة بالتساوي بين الرجال والنساء، لذا نجد أن عديد العاملين يتوزع مناصفة بين الجندرين، إلا أن الأدوار المحددة لهن في الصحافة ما هي إلا انعكاس للأدوار الجندرية الممنوحة لهن في المجتمع، بين تربية وعناية وطبخ وتجميل وسفر، فلا يبدو أن العمل خارج المنزل قد حررهن من هذه الدائرة الضيقة.
كسرت بعض الصحفيات هذه الصورة النمطية ودخلن إلى عالم الصحافة من بوابة أوسع من المعتاد، فعملن في مجال تغطية أخبار السياسية والحقوق، كما استطعن في مراحل معينة أن يكن مراسلات تلفزيونيات أو إذاعيات في قنوات اجنبية، ولمعت أسماء بعضهن في فضاء الصحافة، حيث تميزن بأسلوبهن وكتاباتهن وابداعهن، ولكن تبقى هذه الحالات استثنائية.
على مدار السنوات العشر التي ازدهرت فيها الصحافة البحرينية (2001 – 2011) وأصبحت تمثل نوعا ما صوت الشارع، وسلطة رابعة، تحقق وتبحث وتكشف وتفضح وتراقب، ازدهر دور الصحافيات البحرينيات إلى جانب زملائهن من الصحافيين.
إلا أن تغطية الوزارات المهمة بقيت من نصيب الزملاء الذكور، كالداخلية والخارجية والمالية وغيرها، فيما يوكل للنساء دائماً تغطية أخبار الصحة والتربية والتعليم، في إطار حصرهن بأدوار معينة وصورة نمطية، ما يدل على قناعة ضمنية لدى المعنيين بأنهن لا يصلحن إلا لهذه المهام.
كذلك الأمر فيما يتعلق بتغطية الأحداث المهمة والتي تصنف بالخطيرة أو المتعبة، كتغطية الأزمات، الحروب، المحاكم، أو حتى السفر إلى بلدان تعتبر غير مستقرة حتى وإن كان بنية الخضوع لورشة تدريبية، يتم الاعتماد بنسبة 90% على الزملاء الصحفيين، وتهميش الزميلات.
يأتي هذا ضمن مسار طويل تمارسه المنظومة للتقليل من شأن النساء وقدرتهن على مواكبة زملائهن الرجال، بل والتفوق عليهم.
بعد أحداث العام 2011، تعرضت العديد من الصحافيات البحرينيات لسلسلة من الاستهدافات شملت الاعتداءات والاعتقالات والمحاكمات القضائية، وهو ما أضطر بعضهن لمغادرة البلاد طوعاً والبعض الآخر لتجميد أنشطتهن الصحافية لضمان سلامتهن.
كما تعاني العديد من الصحافيات من تضييق وزارة الإعلام – إدارة الإعلام الخارجي – عبر منعهن من العمل كمراسلات لوسائل الإعلام الأجنبية.
خلال هذه السنوات، لمر تتولى أي صحافية في البحرين منصب سكرتير تحرير، مدير تحرير أو رئيس تحرير، بل ظلت هذه المناصب حكرًا على الرجال، كما عمدت المؤسسات الصحفية على منح الفرص التدريبية.
لا سيما تلك التي تقام في الخارج، للرجال، مما عرقل النساء من تطوير مهاراتهن وامكانياتهن الصحفية، ليتمكن من بلوغ المناصب العليا والمرموقة في هيكل الإعلام البحريني.
في الإنتاج التلفزيوني والإذاعي، اقتصر وجود المرأة على أدوار هامشية و بسيطة، واستعملت كواجهة حسنة المظهر تقرأ ما كتبه وحضره وحرره زملائها من الرجال.
وصلت الصحافية عهدية أحمد إلى منصب نائبة رئيس تحرير صحيفة ديلي تربيون اليومية الصادرة باللغة الإنجليزية في العام 2017، تجهيزا لاستلامها منصب رئاسة جمعية الصحفيين البحرينية في العام 2019، والذي كان الغرض منه تلميع صورة المملكة دوليًا فيما يتعلق بتمكين المرأة ووصولها لمناصب عليا في الصحافة والمجتمع المدني.
كغيرها من القطاعات في البحرين، تتواجد المرأة في عالم الصحافة بعطائها وقدراتها وتشكل عنصرا فاعلا في سيرورتها وعملها ولكن تبقى أدوارها محصورة، ومقيدة ضمن سقف وظيفي محدد مسبقًا وسلسلة من العراقيل التي أعاقت أي صحافية من تخطيه.
يأتي هذا بفعل العديد من الأسباب في ذلك بدءا من النظام السياسي الذي يستخدم النساء كقطع شطرنج للتجميل والبهرجة، وليس انتهاءً بنظام ذكوري يحكم المنظومات الصحافية التي لا تؤمن بقدرات المرأة بل وتحارب تطورها.