يمارس النظام البحريني واحدةً من أبشع ممارسات التعذيب وسحق حقوق الإنسان في الخليج بحق مواطنيه المعارضين أو المخالفين لسياسات النظام.
وكشفت أحداث الربيع البحريني فبراير 2011 عن حقيقة عدم اكتراث النظام البحريني مبادئ حقوق الإنسان والقوانين الدولية في مواجهته لممارسة المواطنين البحرينيين حقهم في التظاهر والتعبير والمطالبة بالإصلاح الديمقراطي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
وتبرز منظمات حقوقية حدة الانتهاكات وأنماط التعذيب في مملكة البحرين بناءاً على معلومات وشهادات ناشطين وناشطات واجهوا صنوفاً من التعذيب في السجون البحرينية على مدى العشرة الأعوام الماضية وحتى اللحظة.
وتنوعت طبيعة الانتهاكات التي ارتكبها ومازال يرتكبها النظام البحريني بين سلب الجنسية والاعتقال التعسفي، الإخفاء القسري، استخدام العنف مع المتظاهرين، تنفيذ أحكام إعدام لمعارضين وممارسة شتى أصناف التعذيب مع المعتقلين في السجون التي مات فيها العشرات تحت وقع التعذيب.
بأكثر من 5000 ألاف سجين، تحقق البحرين واحداً من أعلى أرقام السجناء السياسيين في الخليج، فيما يمكن وصف المعاملة في السجون البحرينية بالأسوأ في الخليج.
الكم الهائل من حالات التعذيب الموثقة في السجون البحرينية تؤكد على منهجية التعذيب كسياسة قمعية تمارسها السلطات بحق المعارضين والمطالبين بالإصلاحات السياسية في البلاد.
بلغت عدد الحالات المتوفاة داخل السجون تحت آثار التعذيب والإهمال الصحي 74 حالة وفاة، فيما تعج السجون بآلاف السجناء السياسيين الذين تجاوزوا الخمسة آلاف سجين.
ومنذ تصاعد أحداث الربيع العربي الذي بدأ في تونس انتقالاً مصر، ليبيا، سوريا، عمان واليمن، كانت البحرين أحد أكثر الدول تأثراً بموجة الاحتجاجات، حيث اندلعت فيها واحدة من أكبر احتجاجات الربيع في منطقة الخليج.
في الرابع عشر من فبراير 2011، كانت بداية الاحتجاجات التي عمت البحرين للمطالبة بالديمقراطية وإصلاح النظام السياسي في البلد ليستمر الحراك لأسابيع أخرى تلته، خرج فيها ما يقارب ثلث الشعب البحريني للمشاركة.
واجهت قوات النظام الاحتجاجات بالعنف، ليسقط بعد اشتباكاتٍ لقوات الأمن التابعة للنظام مع المتظاهرين سبعة قتلى ومئات المعتقلين في سجون النظام في الأسابيع الثلاثة الأولى للاحتجاجات.
في الرابع عشر من مارس 2011، دخلت قوات درع الجزيرة بعد طلب حكومة البحرين المساعدة لتحقيق الأمن، ليدخل البحرين قواتٌ عسكرية سعودية وإماراتية ويعقبها بأيام حملةٌ عسكرية لفض الاعتصام في دوار اللؤلؤة وقمع الاحتجاجات.
بحلول الثامن عشر من مارس 2011، كان النظام قد استطاع القضاء على مركز الاعتصامات في دوار اللؤلؤة باستخدامه القوة المفرطة مع المتظاهرين وممارسته حملات اعتقالٍ تعسفية واسعة.
شهدت البحرين في هذه الفترة والأعوام التي تلتها ممارسة السلطة لتعذيبٍ ممنهج بحق المعارضين والمتظاهرين وأبناء الطائفة الشيعية، التي كانت الأكثر حضوراً في الاحتجاجات، في البلاد.
محمد سلطان، أحد الشباب المشاركين في احتجاجات الربيع البحريني 2011، أحد الضحايا الذين تعرضوا للتعذيب على أيدي أجهزة النظام الأمنية.
في مارس 2011، تم اقتياد سلطان لإدارة التحقيقات الجنائية، بعد مداهمة بيته واقتحامه من قبل ضباط ملثمين يوجهون البنادق إلى سلطان وأسرته ويهددونهم بالقتل. تعرض سلطان للضرب أثناء الاعتقال أمام أسرته، ليتم تقييده وتغطية وجهه واقتياده لمركز التحقيقات بعدها.
تلقى سلطان ضرباً مبرحاً في بطنه ووجهه وظهره وهو معصوب العينيين، ليتم الطلب منه لاحقاً أن يعترف، ولكن كما يقول سلطان هو لا يعلم ما الذي يريدونه أن يعترف به.
استمرت جلسات التعذيب لأيامٍ متتالية وفتراتٍ طويلة كان يفقد سلطان في كثيرٍ منها وعيه. وقع سلطان في الأخير اعترافاً لا يعرف مضمونه وأوراقاً أخرى لا يعرف محتواها. نقل سلطان لسجنٍ آخر مع سجناء آخرين ، والذي استمر فيها بتلقي معاملةٍ سيئة والإذلال.
في إحدى ليالي السجن، يحكي سلطان عن قتل أحد المعتقلين بعد أن تم تعذيبه وحشو فمه بأوراق الجرائد حتى مات اختناقاً بها. كان سلطان معصوب العينيين وينصت لأصوات التعذيب تلك حتى الموت.
ابتسام الصايغ، ناشطةٌ حقوقيةٌ بحرينية، بعد مشاركتها في أعمال مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في مارس 2017، تم استدعائها من قبل السلطات الأمنية في البحرين بتاريخ الـ 26 من مايو 2017.
كان جهاز الأمن الوطني خلف الاستدعاء، حيث استدعيت لمركز أمن المحرق شمال البلاد. تعرضت الصايغ للتعذيب والاعتداء الجنسي على يد المحققين، وتلقت معاملةً سيئة وشتائم. هددها المحققون بالاغتصاب إذا ما استمرت في نشاطها الحقوقي.
في الساعة الحادية عشرة ليلاً أطلقوا سراحها لتنقل مباشرة للمستشفى.
والأوضاع في السجون البحرينية سيئة جداً. بالإضافة للإهمال المتعمد وقصص التعذيب وسوء المعاملة، تمتلئ السجون البحرينية بالسجناء المعارضين بأضعاف طاقتها الاستيعابية من المساجين. الأمر يتفاقم سوءاً طوال العامين الماضي والحالي من انتشار وباء كورونا.
سجن جو المركزي جنوب البلاد، تبلغ طاقته الاستيعابية في الحد الأقصى لألفٍ ومائتي سجين، فيما يستضيف السجن ثلاثة أضعاف هذا الرقم. الحال مشابهٌ لذلك في بقية السجون في البلاد.
الإهمال الطبي وازدحام السجون أدى لاحتجاجاتٍ داخل السجون، وفي بعض الحالات أعمال شغب. السلطة كعادتها واجهت الاحتجاجات على الوضع الصحي وانتشار الوباء داخل السجون بالعنف المفرط كما حدث في مطلع أبريل 2021.
في التاسع من يونيو 2021، أعلنت وفاة سجين الرأي حسين بركات بعد إصابته بفيروس كورونا. زوجة السجين أفادت باتصال زوجها بها مطالباً إياها دعوة الناس للتحرك ونقله للمستشفى. رغم ذلك لم تسمح لها السلطات برؤية زوجها ولم تنقله للمستشفى، مكتفيةً بنقله لعيادة السجن.
حسين بركات، كان أحد المعتقلين في سجن جو المكتظ الذي تدعي السلطات بأنها أعطت اللقاح فيه لكل السجناء الذين طلبوا اللقاح. والجدير بالذكر أن حسين بركات كان أحد من تلقوا لقاح السجن قبل أن يموت بعدها بإصابته بالفيروس ورفض السلطات نقله للمستشفى.