انتهاكات البحرين: لا يزال التعذيب مكرسا بعمق في القضاء البحريني

قال المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان إنه لا يزال التعذيب مكرسا بعمق في القضاء البحريني، حيث ترتكز السلطات الخليفية بشكل كبير على الاعترافات بالإكراه.

وبحسب المركز يزج بمعتقلي الرأي في البحرين لفترات طويلة في السجن دون منحهم حق الاتصال بذويهم، إضافة إلى تعرضهم للتعذيب والمعاملة غير الإنسانية ومنعهم من الاتصال بمحام، علاوة على الإهمال الطبي داخل السجون.

وأشار المركز إلى أنه فمنذ نهاية مايو/أيار الماضي، تجاهلت سلطات سجن جو حالة سجينيْن، على الأقل، ظهرت عليهما أعراض السل لأكثر من أسبوع دون إجراء فحص لهما.

كما أعيد سجين ثالث تلقى الرعاية في المستشفى إلى السجن بعد يومين من إبلاغ طبيب لأسرته بإصابته بالسل.

ومؤخرا قال مركز البحرين لحقوق الإنسان إن ضحايا التعذيب في البحرين ما زالوا ينتظرون الإنصاف والمساءلة ومحاسبة مسئولي النظام الخليفي على انتهاكاتهم الجسيمة.

ودعا المركز الحقوقي في بيان له تلقى “بحريني ليكس” نسخة منه، حكومة البحرين إلى إنهاء “ثقافة الإفلات من العقاب” وتقديم المتورطين في التعذيب إلى العدالة، بمن فيهم من هم في التسلسل القيادي.

وذكر أنه يساهم ضمان سبل الانتصاف لضحايا التعذيب في استقرار المجتمع على المدى الطويل ويفتح الباب للمصالحة السياسية والاجتماعية التي طال انتظارها لضحايا التعذيب الحق في الإنصاف والمساءلة، وعلى حكومة البحرين الالتزام بحماية وإعمال هذا الحق بموجب القوانين الوطنية والدولية.

ووجه المركز رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أكد فيه أنه “يجب ألا يُسمح أبداً لمرتكبي التعذيب بالإفلات من جرائمهم، ويجب تفكيك أو تغيير الأنظمة التي تمكّن التعذيب”.

وجاء في نص الرسالة: تم التحقق من استخدام السلطات البحرينية للتعذيب الممنهج من خلال عشرات التقارير المحلية والدولية لحقوق الإنسان، لاسيما تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق التي تم إنشاؤها واعتماد نتائجها وتوصياتها من الملك نفسه.

وقد عزت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق التعذيب الممنهج إلى “عدم مساءلة المسؤولين داخل النظام الأمني في البحرين”، والذي أدى بدوره إلى “ثقافة الإفلات من العقاب”.

بما أن الإفلات من العقاب على نطاق واسع يؤدي إلى المزيد من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، كان ينبغي أن تكون الأولوية المطلقة للحكومة البحرينية هي معاقبة الجناة إذا كانت صادقة في محاربة التعذيب. ولكن فشلت جهود الحكومة في العقد الماضي في تحقيق تقدم ملموس.

لم يؤد إنشاء هيئات رقابية مختلفة وسن قوانين جديدة إلى تقديم المتورطين في التعذيب وسوء المعاملة إلى العدالة. بينما تتطلب معالجة التعذيب الالتزام الصارم بمبدأ “مسؤولية القيادة”، فقد فشلت الحكومة البحرينية تماماً في الالتزام بهذا المبدأ.

لا يزال المئات من ضحايا التعذيب وعائلاتهم ينتظرون الإنصاف والمساءلة في البحرين.

لطالما كان التعذيب إحدى الوسائل التي تمارسها السلطات البحرينية للسيطرة والهيمنة على الشعب، حتى قبل الاستقلال.

حيث تكثفت أنباء التعذيب خلال فترات الاضطرابات السياسية، وتحديداً ضد المعتقلين والسجناء السياسيين. تحدث معظم حالات التعذيب أثناء الاستجواب من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون بغرض انتزاع الاعترافات أو العقاب.

حدثت الذروة الأخيرة في قضايا التعذيب أثناء وبعد انتفاضة 2011، حيث تلقت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق 559 شكوى تتعلق بسوء معاملة الأشخاص المحتجزين بين 1 يوليو 2011 و23 نوفمبر 2011 فقط.

وفي وقت لاحق، تم توثيق عشرات حالات التعذيب والمعاملة السيئة من قبل منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية.

يمكّن النظام الجنائي البحريني التعذيب من خلال التغاضي عن مزاعم التعذيب ذات المصداقية من قبل النيابة العامة، وقبول الاعترافات القسرية في المحاكم، وإنشاء هيئات رقابية غير مستقلة وغير فعالة، وبالتالي عدم محاسبة الجناة. حتى وسائل الإعلام تلعب دوراً في انعدام المساءلة من خلال كونها أداة دعائية للحكومة.

يعطي القانون البحريني للنيابة العامة الولاية القضائية على جرائم التعذيب. ولكن أظهرت النيابة العامة على مر السنوات افتقاراً إلى الاستقلالية وإحجام عن التحقيق في قضايا التعذيب وسوء المعاملة ومحاسبة الجناة.

تعرض مئات الأشخاص للتعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز التي كانت النيابة العامة مفوّضة بتفتيشها، كما تم إطلاق سراح العشرات من مسؤولي إنفاذ القانون الذين تورطوا في التعذيب دون عقاب بسبب عدم رغبة النيابة العامة في تقديمهم إلى العدالة.

كانت هناك العديد من التقارير عن تجاهل النيابة العامة الفاضح لمزاعم التعذيب أثناء استجواب المعتقلين. في عام 2015، أبلغت هيومن رايتس ووتش عن 6 حالات أبلغ فيها محتجزون النيابة العامة عن تعذيبهم في مديرية التحقيقات الجنائية.

ولم يقتصر الأمر على فشل النيابة العامة في اتخاذ أي إجراء، بل أمرت أيضاً بإعادة اثنين منهم إلى مديرية التحقيقات الجنائية بعد رفضهما الإدلاء باعترافات. وقد انتهت حالة واحدة فقط من هؤلاء بفتح تحقيق.

بالإضافة إلى ذلك، كان قد أشار تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق إلى أنه “في بعض الحالات لم تقم النيابة أو القضاء باتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة المسؤولين” مما أسهم في انتشار ثقافة الإفلات من العقاب داخل النظام الأمني في البحرين.

في 31 يوليو 2016، توفي المواطن البحريني حسن جاسم حسن الحايكي، 35 عاماً، في الحجز متأثراً بجروح أصيب بها أثناء التعذيب في مديرية التحقيقات الجنائية، وفقا لأسرته.

أبلغ الحايكي النيابة العامة بتعرضه للتعذيب، لكن بدلاً من التحقيق في مزاعمه، أمروا بإعادته إلى مديرية التحقيقات الجنائية، حيث “تعرض لمزيد من أعمال التعذيب”.

في ذلك الوقت، تلقى مركز البحرين لحقوق الإنسان معلومات تفيد بأن الحايكي تعرض للاعتداء الجنسي في 10 يوليو 2016 من قبل المسؤولين في النيابة العامة، الذين أجبروه على التوقيع على اعتراف.

وقد حُرم من الاتصال بمحام أثناء التحقيق على الرغم من طلبه المتكرر بالحصول على الاستشارة القانونية، وعندما توجه محاميه إلى هناك، قيل له زوراً أن الحايكي لم يحضر بعد.

عندما ذكر محامي الحايكي أن موكله المتوفى كان لديه جروح وكدمات على جسده، مؤكدة “بما لا يدع مجالاً للشك وجود اشتباه جنائي وراء الوفاة”، اتهمته النيابة العامة بـ “نشر أخبار كاذبة”.

بعد تحقيق سريع، خلصت وحدة التحقيق الخاصة، التي تعمل تحت إشراف النيابة العامة، إلى أن الوفاة كانت لأسباب طبيعية.

وبالمثل، تغاضت النيابة العامة عن مزاعم محمد رمضان بالتعذيب، الذي أدين لاحقاً بناءً على اعتراف بالإكراه وحُكم عليه بالإعدام في 29 ديسمبر 2014 على الرغم من أنه أظهر لوكيل النيابة علامات التعذيب على جسده.

إن النيابة العامة متواطئة في التعذيب من خلال قبول الاعترافات القسرية أثناء الاستجواب، والتغاضي عن مزاعم التعذيب، والتسامح مع مرتكبيه، وكونها جزءاً من نظام يجرم المعارضة ويبرر العنف لسحقها.

في معظم حالات القتل غير القانوني للمدنيين على أيدي قوات الأمن التي وثقتها اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، والذي قُتل بعضهم تحت التعذيب، وجهت النيابة العامة بشكل غير مقبول إلى الجناة تهمة الاعتداء فقط دون نية القتل، مما أدى إلى عقوبات مخففة للجناة.

في موازاة ذلك، تلعب المحاكم البحرينية دوراً في التعذيب الممنهج والإفلات من العقاب المنتشر على نطاق واسع في البلاد.

قبلت المحاكم البحرينية بالاعترافات القسرية حتى في القضايا البارزة، مثل قضية “البحرين 13”. علاوة على ذلك، فشل النظام القضائي في توفير الإنصاف لعشرات الأسر وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات الأمن من خلال تبرئة العديد من مرتكبي التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء، وإصدار أحكام مخففة بحق قلة من الذين أدينوا بما يتعارض مع خطورة جرائمهم.

في العام 2012، علّق رئيس اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق بأنه “لا يمكنك القول بتحقق العدالة حين تكون عقوبة المطالبة بتحويل البحرين إلى جمهورية هي السجن المؤبد، بينما يعاقب الضابط الذي أطلق النار مراراً على رجل أعزل من مسافة قريبة بالسجن لمدة 7 أعوام فقط”، في إشارة إلى قضية هاني عبد العزيز جمعة.

في قضية ائتلاف 14 فبراير، أدين خمسون شخصاً في محاكمة جماعية بتهمة إنشاء “مجموعة إرهابية” والانضمام إليها.

تتكون الأدلة المقدمة في المحكمة لإثبات التهم الموجهة إلى المتهمين بشكل أساسي من اعترافات قسرية وعدد من التسجيلات والصور التي تُظهر بعض المتهمين ينظمون ويشاركون في المظاهرات ويدعون عبر وسائل التواصل الاجتماعي للمشاركة فيها.

ورغم ھذا الافتقار البيّن للأدلة على أي نشاط إجرامي حقيقي، حكمت المحكمة على 16 من المدعى عليھم بالسجن ١٥ عاماً، وعلى 4 مدعى عليھم بالسجن 10 أعوام، وعلى المدعى عليھم الثلاثين المتبقين بالسجن خمسة أعوام.

في قضايا الـ 21 ناشطاً وشخصية بارزة في المعارضة، 14 منهم حوكموا حضورياً أمام محاكم السلامة الوطنية، أيّدت المحاكم المدنية إداناتهم وأحكامهم رغم حرمانهم من حقوقهم الأساسية في مراعاة الأصول القانونية.

أيّدت محكمة الاستئناف الجنائية العليا إدانات وأحكام 13 منهم في 4 سبتمبر 2012، وفي 6 يناير 2013، صادقت محكمة التمييز على الحكم.

وثقت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق بالتفصيل التعذيب والمعاملة السيئة للعديد منهم، واعتبرتهم منظمة العفو الدولية “سجناء رأي يجب الإفراج عنهم فوراً ودون قيد أو شرط”.

أخفقت النيابة العسكرية في تقديم أي أدلة على أن المتهمين قد استخدموا العنف أو دعوا إليه أثناء احتجاجات 2011.

كان دليل الإدانة الرئيسي في القضية المعروضة على محكمة الاستئناف الجنائية العليا (محكمة مدنية) هو “اعترافات اثنين من المتهمين، انتزعت منهما تحت وطأة التعذيب بحسب ما زُعم وشهادات أفراد الشرطة المتورطين في تعذيب المتهمين”.

في قضية محمد رمضان وحسين علي موسى، اللذين يواجهان خطر الإعدام الوشيك، أوصت وحدة التحقيق الخاصة، على الرغم من نتائج تحقيقاتها غير الحاسمة في شكاوى التعذيب، المحاكم “بإعادة النظر في الأحكام الصادرة بحق موسى ورمضان في ضوء تقرير طبي كشف عنه حديثاً طبيب بوزارة الداخلية لم يكن متاحاً خلال المحاكمة الأولية”، في تقرير بتاريخ 18 مارس 2018.

وخلصت وحدة التحقيق الخاصة إلى أن هناك “اشتباه في جريمة التعذيب (…) والتي نُفذت بهدف إجبارهم على الاعتراف بارتكاب الجريمة المتهمين بها”. ومع ذلك، أيدت محكمة التمييز أحكام الإعدام الصادرة بحقهما في 31 يوليو 2020.

في فبراير 2014، قدمت مجموعة من 97 محامياً مذكرة إلى نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، سلطت فيها الضوء على تقاعس وتواطؤ القضاء في منع ومكافحة التعذيب:

تتجاهل النيابة العامة وبعض القضاة الأدلة والادعاءات المتعلقة بالتعذيب ويقبلون بها في الإجراءات الجنائية.

في عدة قضايا، يرفض القاضي طلب المحامين بإدراج تعرّف المتهمين على الأشخاص الذين مارسوا عليهم التعذيب داخل قاعة المحكمة في محضر الجلسة، ويرفض تكليف النيابة العامة بالتحقيق في المسألة.

في كثير من الحالات، يطلب القاضي طرد المتهمين من قاعة المحكمة بعد تعرّفهم على الشخص الذي قام بتعذيبهم أو الإساءة إليهم.

فشل النظام القضائي البحريني، ممثلاً في كل من النيابة العامة والمحاكم، في معالجة التعذيب الممنهج للمعتقلين في أماكن الاحتجاز، بل ساهم بشكل مباشر وغير مباشر في انتشار الإفلات من العقاب.

يمكن موازنة إحجام النظام القضائي عن مكافحة التعذيب بجدية من خلال إنشاء هيئات حقوق إنسان فعالة ومستقلة تكون مستعدة وقادرة على فضح قضايا التعذيب والضغط من أجل المساءلة، ولكن هذا ليس هو الحال في البحرين.

أثبتت هيئات الرقابة الحكومية التي تم إنشاؤها استجابة لتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق بعد عام 2011 أنها تعاني من خلل وقصور.

وحدة التحقيق الخاصة، التي أنشئت عام 2012، مفوّضة “بتحديد المسؤولية الجنائية ضد المسؤولين الحكوميين الذين ارتكبوا أعمالاً مخالفة للقانون تسببت في جرائم قتل أو تعذيب أو الإيذاء أو سوء المعاملة، بمن فيهم ذوي المناصب القيادية في ظل مبدأ مسؤولية القيادة”.

على الرغم من أن إنشاء وحدة التحقيق الخاصة داخل النيابة العامة كان خطوة إلى الأمام في معالجة الإفلات من العقاب في البحرين، فقد تم التشكيك في استقلالية وفعالية الوحدة منذ إنشائها: إنها جزء من التسلسل الهرمي للنيابة العامة.

علاوة على ذلك، فإن معدل إحالة القضايا إلى المحاكم الجنائية منخفض جداً مقارنة بإجمالي الشكاوى التي تلقتها وحدة التحقيق الخاصة خلال العقد الماضي، والتي انتهى معظمها بتبرئة وأحكام مخففة، إلى جانب أن معظم الملاحقات كانت صادرة عن ضباط ذوي رتب منخفضة.

يؤثر ارتباط وحدة التحقيق الخاصة مع النيابة العامة سلباً على نزاهتها وثقة الجمهور بها مع تجاهل الأخيرة لمزاعم التعذيب ومقاضاة سجناء الرأي.

كما أن وحدة التحقيق الخاصة لا تمتثل للعديد من أحكام بروتوكول اسطنبول التي من المفترض أنها تأسست لتكون متوافقة معها.

الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية هي هيئة حكومية أخرى من المفترض أن تساعد في وضع حد للتعذيب المنهجي. بدأت العمل في يوليو 2013.

تم إنشاء الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية لضمان التزام موظفي وزارة الداخلية بالإجراءات القانونية ومحاسبة المخالفين لها.

كما أنها مكلفة بتلقي ومراجعة وفحص الشكاوى المقدمة ضد أفراد قوات الأمن العام، بما فيها شكاوى التعذيب. ولكن استقلالية الأمانة العامة للتظلمات أيضاً موضع شك، حيث تعمل تحت إشراف وزارة الداخلية، ويتم تعيين موظفيها بموافقة وزير الداخلية.

وفيما يتعلق بفعاليتها، مارست الأمانة العامة للتظلمات تجاهلاً وتقاعساً في معالجة الانتهاكات الموثقة جيداً لمنتسبي وزارة الداخلية، وهو ما يتضح من عدد القضايا المحالة من قبلها للملاحقة الجنائية المحتملة وحقيقة أن عدد قليل من التحقيقات قد فُتح بمبادرتها الخاصة في السنوات القليلة الماضية.

أما بالنسبة إلى مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، التي أنشئت في عام 2013، فهي تعمل كآلية وقائية وطنية ومخوّلة للتحقق من ظروف النزلاء والمعاملة التي يتلقونها.

ولكن تم التشكيك في استقلالية وفعالية مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين كذلك الأمر بسبب الافتقار إلى الشفافية في تعيين أعضائها، واعتمادها المالي على الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية، وعدم وجود حكم واضح في تقاريرها.

لقد فشلت في إظهار الصرامة والجدية والمثابرة في معالجة القضايا الملحة في مرافق الاحتجاز، ولا سيما تعذيب وسوء معاملة السجناء السياسيين.

بدأ إنشاء هذه الهيئات الرقابية وغيرها واعداً في محاربة التعذيب الممنهج في البحرين. ولكن بعد عقد من الزمن، لم يحقق عملهم نتائج ملموسة، مما أثار تساؤلات جدية حول استعداد الحكومة للتصدي الحقيقي للتعذيب في البلاد.

تتطلب مكافحة التعذيب ومنعه تضافر الجهود بين مختلف أصحاب المصلحة في البلاد. “يمكن لوسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني المساهمة في نظام فعال من الضوابط والتوازنات لمنع التعذيب وحظره”.

بينما أغلقت الحكومة الفضاء المدني بشكل شبه كامل وخنقت مؤسساته، فقد سيطرت على وسائل الإعلام ومنعتها من القيام بدورها المفترض في فضح التعذيب ودعم الضحايا والتوعية بمكافحته.

يمكن للتقارير الإعلامية المسؤولة، وحملات التثقيف العامة، ومبادرات التوعية الهادفة بناء قدر أكبر من المعرفة والفهم للقضايا المتعلقة بالتعذيب، والتأثير على الرأي العام، والمساعدة في تغيير المواقف المجتمعية.

ولكن لا تنشر وسائل الإعلام البحرينية الحالية سوى الأخبار والمعلومات المواتية للحكومة، تثني على إنجازاتها، وتتبنى روايتها، مما يجعلها أداة دعائية.

كما أن تصوير المعارضين وشخصيات المعارضة على أنهم “خونة” و “عملاء أجانب” و “تهديد للوحدة الوطنية” في وسائل الإعلام البحرينية الرئيسية لا يساعد أيضاً. إنه يشوه سمعة معارضي الحكومة ويبرر العنف ضدهم.

بشكل عام، يفتقر النظام الجنائي البحريني إلى الاستقلال للقضاء على التعذيب، إلى جانب عدم رغبة سياسية واضحة في معالجة هذه القضية بشكل حقيقي. كما ناقشنا سابقاً، فإن القضاء في وضعه الحالي، غير قادر أو غير راغب في محاسبة الجناة ولا تحقيق العدالة لمئات الضحايا.

المجتمع المدني مخنوق، ووسائل الإعلام خاضعة لرقابة صارمة، والهيئات الرقابية ليست مستقلة، مما يجعل الانتصاف والمساءلة بعيدة المدى في الظروف الحالية.

Exit mobile version