دعوات حقوقية لتصعيد الجهود لمواجهة ملف التعذيب السياسي في البحرين

دعا ناشطون حقوقيون إلى تصعيد الجهود لمواجهة ملف التعذيب السياسي في البحرين، وضرورة دعم المبادرات القانونية والسياسية التي تضمن حقوق المعتقلين السياسيين وتعيد بناء ثقة المجتمع في مؤسسات الدولة.

جاء ذلك خلال ندوة نظمها منتدى البحرين لحقوق الإنسان بحضور عدد من الناشطات الحقوقيات البارزات، حيث تناولت الندوة واقع المعتقلين السياسيين في البحرين وضرورة اعتماد آليات فعالة للعدالة الانتقالية لضمان حقوق الضحايا.

وأكدت الباحثة في منتدى البحرين لحقوق الإنسان، غنى رباعي، أن معتقلي الرأي في البحرين ما زالوا يعانون من انتهاكات ممنهجة ومستمرة منذ لحظة الاعتقال.

وأوضحت رباعي أن هذه الانتهاكات تتراوح بين التعذيب الجسدي والنفسي، والإهمال الطبي المتعمد، والحبس الانفرادي، إضافة إلى مصادرة الأدوات العلاجية اللازمة للعلاج، فضلاً عن حرمانهم من ممارسة الشعائر الدينية، أو حتى حضور جنازات أقاربهم.

وقالت رباعي إن استمرار هذه السياسات التعسفية، إلى جانب التعتيم الإعلامي الممنهج حول أوضاع المعتقلين، يعكس غياب الإرادة السياسية الرسمية لحل الأزمة الحقوقية المتفاقمة في البلاد.

وأشارت إلى ضرورة إيقاف ممارسات التعذيب فورًا، ومحاسبة المسؤولين عنها، وتعويض الضحايا بشكل عادل ومنصف يضمن عدم تكرار الانتهاكات.

أما مسؤولة الرصد في منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان، ابتسام الصايغ، فقد ركزت على الأوضاع التي يواجهها ضحايا التعذيب بعد الإفراج عنهم، موضحة أنهم يعيشون حالة من “السجن المفتوح” بسبب التهميش والتمييز المجتمعي.

وقالت إن هؤلاء الضحايا يعانون من حرمان ممنهج من الحقوق الأساسية، مثل حقهم في العمل والسفر، مما يزيد من معاناتهم ويطيل أمد الألم النفسي.

وأضافت الصايغ التي تحمل تجربة شخصية كمعتقلة سابقة أن آثار التعذيب النفسية تبقى راسخة في نفوس الضحايا حتى بعد مرور سنوات على إطلاق سراحهم، مؤكدة أن إنصافهم لا يمكن أن يتحقق بمجرد الذكرى أو المناسبات الرسمية.

وأشارت إلى أن المجتمع والمؤسسات الحقوقية يجب أن يوفروا احتضانًا حقيقيًا لهؤلاء الضحايا، ويشملهم في صياغة السياسات التي تضمن حقوقهم الكاملة.

من جانبها، أكدت زينب خميس، رئيسة لجنة الرصد في الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، أن التعذيب في البحرين خلف آثارًا نفسية وجسدية عميقة لا تزال تتجلى في حياة الضحايا وأسرهم.

وأكدت خميس أن إنصاف هؤلاء الضحايا يتطلب تبني مقاربة شاملة تستند إلى مبادئ العدالة الانتقالية، والتي تشمل الاعتراف الرسمي بالانتهاكات، المحاسبة القانونية، جبر الضرر، وضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات.

ودعت خميس إلى ضرورة تبني قانون وطني للعدالة الانتقالية يستند إلى المعايير الدولية المعتمدة، ويضمن وجود آلية حقيقية للمصالحة الوطنية.

كما أشارت إلى أهمية تشكيل هيئة مستقلة تقوم بتوثيق كافة الانتهاكات، وتتيح مشاركة الضحايا في وضع السياسات والإصلاحات المرتقبة، إلى جانب العمل على إصلاح شامل للمؤسسات الأمنية لضمان احترام حقوق الإنسان.

وختمت خميس حديثها بالتأكيد على ضرورة مناقشة هذا القانون ضمن الخطة الوطنية لحقوق الإنسان للأعوام 2027 – 2031، مشددة على أن ذلك يشكل خطوة أساسية لمعالجة آثار الانتهاكات السابقة، ووضع أسس لإصلاح شامل ومستدام، يضمن حماية حقوق المواطنين ويحفظ كرامتهم.

والندوة التي شهدت تفاعلاً واسعاً عبر منصات التواصل، سلطت الضوء على أهمية تعزيز الوعي بحقوق المعتقلين السياسيين وضحايا التعذيب، وضرورة التحرك الدولي والوطني العاجل لوضع حد لهذه الانتهاكات المتكررة.

وأكدت المشاركون أن استمرار الانتهاكات سيؤدي إلى المزيد من التوترات السياسية والاجتماعية، وأن تحقيق العدالة والاعتراف بالحقوق هو السبيل الوحيد لبناء مجتمع ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان.

في الختام، دعا منتدى البحرين لحقوق الإنسان السلطات إلى وقف كل أشكال التعذيب والإهمال الطبي داخل مراكز الاحتجاز، وتحقيق العدالة الحقيقية للضحايا، والعمل على وضع آليات ملموسة للعدالة الانتقالية تشمل جميع الضحايا دون استثناء، حفاظًا على السلم الاجتماعي وتعزيز حقوق الإنسان في البحرين.

Exit mobile version