في غياب العدالة الاجتماعية: نحو نصف المواطنين البحرينيين يعانون الفقر

يعاني نحو نصف المواطنين البحرينيين من الفقر ويعتمدون على المساعدات الحكومية في ظل غياب العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات بفعل فساد النظام البحريني وفشله الاقتصادي.

ويصادف يوم السابع عشر من شهر تشرين أول/أكتوبر من كل عام، اليوم العالمي للقضاء على الفقر، اليوم الذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل ما يزيد عن 29سنة، لمناهضة الفقر.

ويعد الفقر أحد اسباب امتهان الكرامة الإنسانية، وشكلاً من أشكال التمييز بين البشر، عانت منه الغالبية الساحقة من الطبقات الكادحة والعاطلين والمهمشين وضحايا الحروب والأوبئة والكوارث الطبيعية.

وجميع هذه الأسباب ناتجة بالدرجة الأولى عن غياب العدالة الاجتماعية وسوء التخطيط الاقتصادي والاستئثار بالثروة الوطنية وعدم حماية الفئات والشرائح المهمشة، وتوفير الضمانات في الفرص المتساوية لجميع فئات المجتمع، على حد سواء، دون اعتبار لانتماءاتهم الطبقية والعرقية والدينية والقومية.

إن ناقوس خطر الفقر يدق اجراسه في مملكة البحرين، بعد أن بلغ مراحل متقدمة، فهو لا يتمثل فقط في مستوى المعيشة في البحرين، والتي هي على كل حال، الأدنى على المستوى الخليجي.

وإنما يتمثل ايضاً في تدني مستوى وغياب الفرص المتساوية في فرص العمل وخدمات التعليم والصحة والسكن وارتفاع مؤشر الفساد وانتشار البطالة وغياب التخطيط الاستراتيجي، بما في ذلك ضبابية خطة التنمية المستدامة في رؤية 2030.

وفي ظل تغييب متعمد لتعريف واضح للفقر ومستوى خط الفقر في البحرين وعدم الاعتراف الرسمي بوجوده، ثقل كاهل المواطنين بالكثير من الأعباء ومن بينها الديون، وزاد بصورة مضطردة عدد العوائل التي تعتمد في حياتها على المعونات المالية من وزارة العمل لسد حاجاتها اليومية الأساسية.

إذ تبلغ نسبتهم نحو 47% أي نحو نصف المواطنين البحرينيين تقريبا، وهو مؤشر قوي على مستوى الفقر في البحرين.

كما كشفت ندوة أقامها التجمع القومي مؤخرا عن أرقام مخيفة عن حالة الفقر في البحرين. فتشير احصائيات هيئة سوق العمل إلى أن 17 ألف عامل يتقاضون رواتب اقل من 50 دينار و185 ألف عامل أقل من 100 دينار و513 ألف عامل يتقاضون راتب أقل من 150 دينار.

إن سياسات الدولة النيوليبرالية التي فتحت السوق أمام منافسة الرأسمال الأجنبي حتى في الأنشطة والحرف البسيطة التي يتملكها المواطنين، وفتحت أسواق العمل أمام تدفق العمالة الأجنبية الرخيصة، ناهيك عن سياسة التجنيس.

إن هذه السياسات باتت تطال بتأثيراتها البالغة الخطورة ليس محدودي الدخل فحسب، بل وحتى شرائح الطبقة الوسطى مما يوسع من شرائح الفئات المهددة بالولوج إلى ما دون خط الفقر.

كما جاءت جائحة كورونا وما رافقها من ازدياد البطالة وانخفاض الرواتب ووقف الزيادات في المعاشات التقاعدية واخيرا مقترح الحكومة بزيادة قيمة الضريبة المضافة إلى 10% ليعمق منحنى الفقر ويهدد فئات جديدة بالدخول تحت مظلته.

ويلجأ النظام البحريني إلى حلول ترقيعية غير ناجزة، وتتبنى سياسة لا تخدم سوى فئات وشرائح اجتماعية أبعد ما تكون عن الحاجة للدعم.

وذلك مثل سياسة تشجيع القطاع الخاص على المحاصصة النفعية أو الانفتاح على الشركات الأجنبية، وتوفير كافة السبل لتمكينها من السوق المحلي، بما في ذلك دعمها مادياً واستيراد القوة المنتجة غير الضرورية.

وبدل أن تساهم هذه السياسة في سدّ النقص وتوفير فرص العمل وتراكم الخبرات، خلقت أزمات مفصلية زادت من تفشي الفقر مثل البطالة وهجرة رأس المال إلى الخارج، وانحسار دور المواطن في صنع القرار الوطني.

وأكد التجمع القومي الديمقراطي في البحرين على الحاجة إلى وضع برنامج وطني لمعالجة الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعاني منها البلاد منذ سنوات، وسياسات وبرامج شفافة ومحوكمة لمكافحة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية وإقامة الدولة المدنية القائمة على المواطنة المتساوية.

وذلك عبر تمكين المواطنين من المشاركة الفعلية في القرار الرسمي بصفاتهم الأصلية والاعتبارية من خلال مكوناتهم السياسية وإطلاق الحريات السياسية، كذلك عبر بناء مؤسسات تشريعية تتمتع بصلاحيات فعلية حقيقية وأجهزة حكومية كفؤة ونزيهة.

 

Exit mobile version