موسم عاشوراء في البحرين: استدعاءات بالجملة وتضييق للحريات

اضطهاد ديني صارخ

شهد موسم عاشوراء في البحرين هذا العام تصعيدًا ملحوظًا في حملات الاستدعاءات الأمنية والتضييق على الحريات الدينية، حيث شنت السلطات البحرينية حملة استدعاءات واسعة شملت عدداً من الرواديد والخطباء والناشطين الدينيين، وسط تصاعد التوترات السياسية والاجتماعية في البلاد.

بدأت حملة القمع الأمنية باستدعاء الرواديد المعروفين في الأوساط الشيعية، مثل مهدي سهوان وعلي حمادي ومرتضى البصري ويوسف القصاب، وذلك على خلفية مشاركتهم في مواكب العزاء الخاصة بمناسبة عاشوراء.

كما طالت الحملة المثقفين الداعمين لهذه الفعاليات، حيث تم استدعاء الأستاذ حسين المرخي للتحقيق، في إشارة واضحة إلى محاولة السلطات تضييق الخناق على أصوات المعارضة والنشطاء الدينيين.

يأتي هذا التصعيد بعد اعتقال الخطيب الشيخ عيسى المؤمن، الذي جرى توقيفه خلال إحيائه مراسيم عاشوراء، وقد قررت النيابة حبسه لمدة سبعة أيام على ذمة التحقيق، في حين لم تكشف الجهات الأمنية عن التهم الموجهة إليه، مما يزيد من غموض دوافع الحملة الأمنية ويثير مخاوف بشأن التضييق على حرية التعبير وممارسة الشعائر الدينية.

وفي سياق توسيع دائرة القمع، حاصرت السلطات منطقة الدراز – وهي إحدى أبرز المناطق التي تشهد إحياء فعاليات عاشورائية – ومنعت إقامة صلاة الجمعة فيها، في خطوة أثارت احتجاجات شعبية واسعة.

إضافة إلى ذلك، استدعت السلطات خطيب مسجد الزهراء في مدينة حمد، الشيخ علي رحمة، للتحقيق الأمني، مما يؤكد استمرار الحملة على رموز الخطاب الديني المستقل.

ولم تقتصر الإجراءات الأمنية على الاستدعاءات والاعتقالات، فقد استخدمت جرافات وزارة الداخلية البحرينية في بداية الموسم لإزالة المجسمات والمضائف التي تقام فيها الفعاليات العاشورائية، وهو ما شكّل اعتداءً صارخًا على حرية ممارسة الشعائر الدينية.

وفي الوقت الذي تواصل فيه السلطات قمعها، حاول الإعلام الحكومي رسم صورة منمقة للسلطة عبر إظهار جهودها في تسهيل حركة المرور وتنظيم الموسم العاشورائي، حيث بث التلفزيون الرسمي لقطات لأطفال يشيدون بإدارة المرور، ما يُعتبر محاولة لتجميل صورة السلطة في مواجهة الانتقادات المحلية والدولية.

كما سعت وزارة الداخلية لإخفاء ممارساتها القمعية بظهور الزيارات الرسمية لمدير عام شرطة محافظة العاصمة، العميد عيسى حسن القطان، إلى عدد من المآتم في المحافظة، حيث روج الإعلام الرسمي لهذه الزيارات بوصفها دليلًا على التسامح والتآخي، في محاولة لتلميع صورة السلطة وسط انتقادات واسعة.

وعلى خلفية هذه الإجراءات، شهدت عدة مناطق مثل باربار والدراز وأبوصيبع تظاهرات شعبية رافضة للتضييق الأمني، رفع خلالها المتظاهرون شعارات تؤكد حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية خلال شهر محرم الحرام.

في المقابل، استنكرت جمعية الوفاق، أبرز الكيانات السياسية المعارضة في البحرين، الاعتقالات والاستدعاءات الأمنية التي طالت الخطباء والرواديد، ودعت السلطات إلى احترام حرمة المناسبة الدينية وإفساح المجال لممارسة الشعائر بحرية وكرامة.

وعلى صعيد متصل، استبقت وزارة الداخلية موسم عاشوراء بتحذيرات مشددة لرؤساء المآتم والحسينيات بعدم التطرق إلى القضية الفلسطينية في خطبهم، في ظل توترات إقليمية متصاعدة جراء تصاعد الاعتداءات الصهيونية في المنطقة، وسط مخاوف متزايدة من انزلاق الأوضاع نحو حرب شاملة.

هذا، وتجدر الإشارة إلى الدور المثير للجدل الذي تلعبه البحرين في النزاعات الإقليمية، حيث تُستخدم أراضيها من قبل القوات الأمريكية وقاعدة الأسطول الخامس لدعم التحالفات العسكرية التي تشمل دعم الكيان الإسرائيلي، ما يزيد من حساسيات الشارع البحريني ويعزز من أسباب الاحتقان الشعبي.

في المجمل، يعكس موسم عاشوراء هذا العام في البحرين واقعًا مؤلمًا يتمثل في تصاعد حملات القمع والتضييق على الحريات الدينية، في ظل تعنت السلطة في مواجهة مطالب المواطنين بحرية العبادة والاحتجاج السلمي، ما يضع علامات استفهام كبيرة حول مدى احترام حقوق الإنسان في البلاد واستعدادها للتعايش مع التنوع الديني والسياسي في مجتمعها.

Exit mobile version