تتواصل المحاكمات وأوامر الاعتقال في البحرين على خلفية الرأي والتظاهر منها التضامن مع فلسطين في ظل استبداد وقمع النظام الخليفي الحاكم في البلاد.
وكشفت أوساط حقوقية ل”بحريني ليكس”، أن النيابة العامة البحرينية قررت قبل يومين تمديد حبس الأسير مسلم عقيل حبيل (18عاما) من أهالي جزيرة سترة (الخارجية) 7 أيام على ذمة التحقيق.
واعتقل حبيل في 31 ديسمبر / كانون الأول 2023 بعد استدعائه للتحقيق في مركز شرطة جزيرة سترة لأسباب سياسية وعلى خلفية التعبير عن الرأي.
في هذه الأثناء أجلت محكمة بحرينية قبل يومين جلست محاكمة 5 أسرى لغاية 11 فبراير القادم بتهمة المشاركة في الاحتجاجات الشعبية المتضامنة مع القضية الفلسطينية والمطالبة بوقف التطبيع مع إسرائيل من البلاد.
وكانت قوات الشغب البحرينية قد اعتقلت كل من : حسين الجزيري (19 عاما)، و حسين عبدعلي مرهون (18عاما)، و محمد هاني محمد نصيب (20عاما)، و مرتضى راسل السماهيجي (17 عاما)، و موسى جعفر عاشور الشغل (17عاما) في 11 نوفمبر / تشرين الثاني 2023.
وجرى اعتقال هؤلاء بعد قمع تظاهرة خرجت في بلدة كرزكان تتضامن مع الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وتطالب بوقف التطبيع وطرد السفير الإسرائيلي من البلاد.
وقد رصدت منظمة حقوقية النهج الحكومي الذي يتبه النظام الخليفي الحاكم في البحرين بشأن تقليص حرية التعبير والتجمع السلمي والاحتجاج في البحرين.
وقالت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، إن سياسة القمع الممنهج التي تتبعها الحكومة البحرينية تظهر بوضوح تجاه حرية التعبير والتجمع والاحتجاج السلمي من خلال سلسلة من القوانين والممارسات القمعية.
ولقد سلطت الضوء منظمة هيومن رايتس ووتش (HRW ) على هذه القضايا، وبشكل خاص على قوانين العزل السياسي والمدني التي تمت المصادقة عليها عام 2018.
وبحسب المنظمة أقر النظام البحريني قانون العزل السياسي لعام 2018 خلال ذروة هجومه على المطالب بالتحول الديمقراطي، وهو آلية قانونية تستخدم لقمع المعارضة السياسية وتقييد نشاطات المجتمع المدني.
هذا التشريع لا يمنع فقط أعضاء الأحزاب السياسية المعارضة السابقين من المشاركة في الانتخابات البرلمانية، بل يمتد تأثيره ليمنع مشاركتهم في المجالس الإدارية للمنظمات المدنية.
وتتميز هذا الاستراتيجية، بجانب من القيود الاقتصادية، من خلال تقييد فرص الأعضاء السابقين في المعارضة والسجناء السابقين بشكل كبير، في حصولهم على “شهادات حسن سلوك“.
كما يتفاقم أثر هذه القوانين عبر إسكات المعارضة السياسية الفعالة، وحرمانها أيضًا أعضاء الأحزاب المعارضة من الترشح لانتخابات مجلس النواب لعام 2022.
يستهدف القانون بشكل غير متكافئ الأفراد المرتبطين بجماعات سياسية منحلة، مركزًا بشكل خاص على الشخصيات المعارضة والنشطاء الذين اعتقلوا خلال انتفاضة عام 2011.
ويثير القلق غياب الشفافية حول عدد المواطنين المتأثرين بسبب غياب البيانات الرسمية، مع تقديرات تشير إلى أن بين 6,000 إلى 11,000 فرد تم حظرهم بأثر رجعي من الترشح للبرلمان والمشاركة في مجالس المنظمات المدنية.
رفض وزارة الداخلية البحرينية تسليم “شهادات حسن سلوك“، يعد ممارسة تقديرية بدون أساس قانوني، ويشكل عقوبة اقتصادية ضد المعارضين السياسيين.
ويعاني السجناء السابقون، الذين غالبًا ما ينتظرون شهورًا أو سنوات للحصول على هذه الشهادة، صعوبات في تأمين فرص العمل ومتابعة التعليم أو الاستمتاع بأي نشاط ترفيهي.
تتجلى الطبيعة المتقلبة لهذه العملية في الحالات التي يتم فيها رفض تسليم الشهادة بشكل مطلق لشخصيات معارضة، مما يضعف قدرتهم على إعالة أنفسهم وعائلاتهم.
تتسع رقعة التأثير الناتجة عن قوانين العزل السياسي لتشمل منظمات المجتمع المدني، مما يعيق قدرتها على العمل بفعالية.
وتواجه الجمعيات، بما في ذلك الجمعيات البارزة مثل جمعية حقوق الإنسان في البحرين وجمعية الاتحاد النسائي البحريني، صعوبات في تشكيل مجالسها بسبب عملية الموافقة الصارمة المتأثرة بقوانين العزل السياسي.
يؤدي التأخير في تشكيل المجالس إلى عواقب خطيرة، مثل تعليق إمكانية الوصول إلى حسابات البنوك ومصادر التمويل. مما يثير المخاوف من خطر تسلل أنصار الحكومة إلى هذه المنظمات.
تمتد التدابير القمعية للحكومة البحرينية أيضًا إلى حظر وسائل الإعلام المستقلة منذ العام 2017. حالة حقوق الإنسان في البحرين مثيرة للقلق، حيث يوجد ستة وعشرون شخصًا في السجن في جناح المحكوم عليهم بالإعدام بعد محاكمات غير عادلة، وتم إصدار عقوبة الإعدام لستة أشخاص منذ عام 2017.
تستهدف السلطات باستمرار المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وقادة المعارضة، وغالبًا ما يولون اهتمامًا خاصًا لنشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
تعزز البحرين بشكل إضافي بيئة طابعها عدائي عبر منع دخول مراقبي حقوق الإنسان المستقلين والمقرر الخاص لدى الأمم المتحدة المعني بقضايا التعذيب، مما يؤثر على حقوق الإنسان الأساسية وتشديد الخناق على المعارضة.
برزت التكتيكات القمعية للحكومة بوضوح خلال انتخابات مجلس النواب عام 2018 حين تم منع ما لا يقل عن 12 شخصية معارضة سابقة من الترشح، كما امتنع آخرون عن المشاركة في الانتخابات، مما أدى إلى تشديد الرقابة من قبل الأجهزة الأمنية.
ويؤدي تطبيق الحكومة لقوانين العزل السياسي، إلى جانب استمرار اعتقال واستجواب المواطنين الذين يمارسون حريتهم في التعبير عن الرأي وتكوين الجمعيات، إلى تكوين صورة مظلمة لانتخابات حرة ونزيهة.
على الرغم من الضمانات الدستورية في البحرين لحقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك حقوق حرية التعبير عن الرأي وتكوين الجمعيات، إلا أن الواقع يبعد كثيرًا عنها.
وقد بات العجز واضحًا بين الحمايات الدستورية وبين تنفيذها على أرض الواقع بسبب افتقار النظام القضائي للاستقلالية والفشل العام في حماية حقوق الإنسان الأساسية.
وأكدت المنظمة أن الحلفاء الدوليون، من ضمنهم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أوروبية أخرى، مطالبون بالضغط على النظام البحريني لوقف قمعه للمعارضة السلمية والمجتمع المدني.
وذكرت أنه يعتبر من الضروري جدا إلغاء قوانين العزل السياسي لعام 2018، ووقف الممارسات العنصرية، واستعادة كامل الحقوق السياسية والمدنية ما من شأنه أن يساهم بتعزيز روح الديمقراطية في دولة البحرين.