استعرضت مجموعة الخليج لمراقبة الحريات والصحافة (الخط الأحمر) واقع البيئة غير الآمنة للحريات الإعلامية في البحرين في ظل انتهاكات التجسس.
وقالت المجموعة إن النظام الخليفي يصرف أموالا طائلة من أجل التجسس على مواطني البحرين وعلى تداول المعلومات الإعلامية أو غيرها من أغراض التجسس.
وذكرت أنه من أجل تقديم جودة عالية لعملية التجسس تلك تعاقدت حكومة البحرين مع أكبر مشغل لبرامج التجسس لشراء تلك البرمجة وتشغليها في تتبع أنشطة الناشطين إعلاميا وسياسيا.
ورغم انكشاف قيام حكومة البحرين بالتجسس غير المشروع إلا أن سلطات المنامة استمرت في تطوير ادوات التجسس وتوسعة المجال الذي تستهدفه سواء في داخل البحرين أو خارجها.
في سيرة حكومة البحرين فإن انكشاف مثل تلك العمليات ينظر إليه بعيون إيجابية وتوظفه أجهزة العقل الأمني على أنه قيمة مضافة يمكن الاستفادة منها في خلق بيئة غير آمنة ومهددة للحريات.
وبعبارة أكثر وضوحا، إن حكومة البحرين لا تخشى من انكشاف قيامها بأعمال مخلة بأخلاقيات المواطنة، فهي ترى أن انتشار أخبار عن استهدافها للحريات الشخصية أو قوتها في مراقبة بعض الشخصيات، فرصة لإرسال رسائل أمنية توحي بقدرتها على الملاحقة وإحكام أدوات الضبط والعسف.
يكشف السرد التاريخي تطورا كبيرا في اتقان عملية التجسس على الحرية في البحرين سواء من ناحية الكلفة المالية الباهظة أو من حيث الشركاء الذين يبيعون خدمات التجسس وأخيرا تنوع في الضحايا والمستهدفين من قبل المراقبة والتجسس.
ففي عام 2012، نشر مركز سيتيزن لاب في جامعة تورونتو الكندية، أدلة تشير إلى أن شركة جاما الدولية، وهي شركة تكنولوجيا متعددة الجنسيات لديها مكاتب في جميع أنحاء العالم، تقوم ببيع أحد البرمجيات الخبيثة الذي يدعى (FinFisher) إلى البحرين.
وأظهرت التحقيقات التقنية وقتها تورط الشركة في مساعدة اجهزة الاستخبارات ( جهاز الأمن الوطني) بالتجسس على أكثر من 70 شخصية سياسية وإعلامية واختراق اجهزتهم الالكترونية ( هواتف/ اجهزة كمبيوتر).
ووفق مختصين فإن كلفة البرنامج تتجاوز 150 مليون دولار دون الحديث عن خدمات اخرى تضاف إلى فاتورة التشغيل كالتدريب والصيانة والتطوير.
وفي شهر أغسطس (آب) 2014، نشرت مواد من مجهول على الإنترنت والتي تشير إلى أنه في الوقت ذاته الذي تنكر فيه شركة جاما أنها باعت (FinFisher) إلى البحرين.
ليس فقط أن الشركة قدمت بالفعل البرنامج إلى البحرين، ولكن أيضًا كانت تعمل بنشاط في توفير السلطات البحرينية بمساعدة تقنية واسعة والمشورة حول هذا البرنامج الضار.
رغم ذلك لم تتوقف حكومة البحرين عن البحث عن شركاء جدد أكثر فعالية من شركة جاما حيث تظهر تحقيقات حقوقية أن حكومة البحرين استثمرت ملايين الدولارات في شراء برامج تجسس وتعقب من شركة بيجاسوس الاسرائيلية منذ العام 2017.
يشار إلى أن برنامج بيغاسوس هو برنامج اسرائيلي، تزعم الشركة أنها تبيعه للحكومات لأغراض محاربة الجريمة والإرهاب.
غير أنه تم استخدامه مرارا من قبل حكومات متهمة بانتهاكات لحقوق الانسان، وكان الصحافي السعودي جمال خاشقجي أحد ضحاياه.
وتظهر أحدث تقارير التجسس على الحرية قيام حكومة البحرين بالتجسس حتى على الأشخاص الموالين وأعضاء في مجلس النواب أضافة إلى افراد من العائلة الحاكمة وشخصيات اخرى يقدر عددهم بحوالي 20 شخصية.
وتعليقا على التقرير الأخير الذي باشرت نشره منظمة الخط الأحمر يمكن القول دون تأكيد معلوماتي بأن اهتمامات حكومة البحرين بالتحول الرقمي الذي يشرف عليه ولي العهد قد اتاح فرصة جديدة لزيادة تنفيذ التجسس على الحرية وتعقب الاشخاص.
ولا يستبعد أن يكون ولي العهد قد ابدى اهتماما خاصا بمثل تلك البرمجيات التجسسية والسعي للحصول عليها.
وإذا كان هذا التعليل صادقا فهو قادر على تفسير استهداف التجسس لشخصيات تصنف أنها موالية للنخبة الحاكمة أو النخبة الحاكمة نفسها حيث كان ولي العهد منذ 2017 يصارع أجنحة متعددة ويخوض معارك داخلية لتثبيت نفسه وربما كان رهاب المؤامرة واحد من الدوافع التي تقف خلف الشره بشراء برامج التجسس على الحرية.
أيا يكن مسار التعليل أو التحليل والبحث عن الجهة التي تقف خلف الاستثمار في تقنيات التجسس تحت عنوان التحول الرقمي، فقد أنتج بيئة غير آمنة للحريات الإعلامية والحريات الشخصية، ولم يعد بإمكان أحد في البحرين أن يتخلص من رهاب المراقبة والتجسس.
أما الأمر الأكثر خطورة فهو ما يترتب على التجسس أو التنقيب في المعلومات الشخصية وإمكانية الاستفادة منها في عمليات ابتزاز للنشطاء والإعلامين.