قال موقع ميدل إيست آي البريطاني إن الانتهاكات الممنهجة ضد الأطفال تشكل وصمة عار على سمعة البحرين ونظامها الحاكم.
وأبرز الموقع في تقرير له تعرض الأطفال في البحرين للاعتداء والتهديد بالاغتصاب والصعق بالكهرباء.
وأشار الموقع إلى تحقيق حقوقي صدر مؤخرا ويفصل كيف تمت مقاضاة الأطفال الذين تم القبض عليهم في قضايا متعلقة بالاحتجاج كبالغين وتعرضوا للإيذاء أثناء الاحتجاز في البحرين.
ضغوط على واشنطن
ونبه الموقع إلى توجيه منظمات حقوقية رسالة مفتوحة إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين.
وذلك لمطالبة واشنطن إلى إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان في سياستها الخارجية مع البحرين.
وسلطت الرسالة الضوء على “التدهور المقلق” لأوضاع حقوق الإنسان في البحرين، والقمع المتصاعد ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد.
كما دعت الرسالة بلينكين للضغط على البحرين لإلغاء الحظر المفروض على أحزاب المعارضة ومجموعات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة.
وأكدت الرسالة أن على إدارة بايدن أن تعيد فرض القيود على مبيعات الأسلحة إلى البحرين ريثما تتحسن حالة حقوق الإنسان في البلاد.
وكان كشف تحقيق استقصائي الأربعاء الماضي النقاب عن أنّ عناصر الشرطة البحرينية ضربوا أطفالا اعتُقلوا في قضايا مرتبطة باحتجاجات فبراير/شباط 2021، وهدّدوهم بالاغتصاب والصعق بالكهرباء.
وأشرف على إعداد هذا التحقيق الاستقصائي بشكل مشترك “معهد البحرين للحقوق والديمقراطية” ومنظمة “هيومن رايتس ووتش”.
وبحسب التحقيق الاستقصائي، فقد حصلت هذه الانتهاكات بتسهيل من النيابة العامة والقضاة، بحيث رفضت النيابة والشرطة حضور والدَيْ الأطفال أو محاميهم أثناء الاستجواب.
رغم أن أعمارهم تتراوح بين 11 و17 عاما. بينما أمر القضاة باحتجازهم من دون داعٍ.
وقضى أحد الأطفال عيد ميلاده الـ 12 في السجن.
يحاكمون كبالغين
وقالت المنظّمتان الحقوقيتان: “ما زال أربعة أطفال محتجزين ويحاكَمون كبالغين، بينهم مراهق عمره 16 عاما لديه وضع صحي خطير جلسته التالية ستعقد في 11 مارس/آذار”.
وشددتا على وجوب إفراج البحرين عن جميع الأطفال عند وجود بدائل عن الاحتجاز، وإسقاط التهم المنتهِكة الموجهة إليهم.
كما طالبتا الحكومات التي تدعم البحرين وعناصر الشرطة والأمن فيها، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بضمان عدم استخدام مساعداتها لتمويل الانتهاكات، والمطالبة بالمساءلة علنا.
وقال مدير المناصرة في معهد البحرين لحقوق الإنسان والديمقراطية سيد أحمد الوداعي :”تهديد شرطي لطفل بعمر 13 عاما بالاغتصاب، أو الصعق بالكهرباء من بطارية السيارة هو وصمة عار على سمعة البحرين”.
ترهيب لانتزاع اعترافات
وأضاف: “عامل عناصرُ الشرطة الأطفال كأعداء يجب ترهيبهم ليعترفوا، بينما عمدت النيابة والقضاة إلى إبعاد الوالدَيْن والمحامين عن الإجراءات القضائية”.
بحسب معلومات من أفراد أسر الأطفال والناشطة الحقوقية البحرينية ابتسام الصايغ، اعتقلت الشرطة 13 طفلا في النصف الأول من شهر فبراير/شباط واحتجزتهم.
وتحدثت المنظمتان الحقوقيتان إلى ستة من هؤلاء الأطفال، وعائلات خمسة آخرين.
في بعض الحالات، اعتقلت الشرطة أطفالا لمزاعم إحراقهم لإطارات دراجات، أو كراسٍ، أو قطع الطرقات يوم القبض عليهم.
وأفاد الأطفال وعائلاتهم أنّ عناصر الشرطة اتهموا الأطفال بزرع قنابل مزيفة، والتخريب، وإلقاء قنابل “مولوتوف” في نوفمبر/تشرين الثاني 2020. إذا أُدين الأطفال، قد يواجهون أحكام تصل إلى 20 عاما في السجن.
نهج غاشم
وقالت المنظمتان إنّ توقيت الاعتقالات يشير إلى اعتماد الحكومة نهجا غاشما في تعاملها مع احتجاجات 14 فبراير/شباط وقرابة ذلك التاريخ.
أي الذكرى العاشرة لانتفاضة البحرين في 2011، للقضاء على المعارضة وثني المتظاهرين عن التجمع لإحياء الذكرى.
واستخدمت السلطات البحرينية الاعتقالات الاستباقية أو التعسفية لردع الناس عن الاحتجاج قرابة أحداث بارزة أخرى، مثل سباقات “الفورمولا 1”.
في 14 فبراير/شباط، وافق الملك حمد بن عيسى آل خليفة على قانون رقم 4/2021 بشأن العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة، الذي يصبح ساريا بعد ستة أشهر.
رفع هذا القانون سن المسؤولية الجنائية من سبعة إلى 15 عاما، وعرّف الطفل على أنه أي شخص دون 18 عاما، ونصّ على إنشاء محاكم خاصة بالأطفال ومرافق احتجاز منفصلة لهم. تعامل القوانين الجنائية البحرينية الراهنة الأطفال بعمر 16 عاما وأكبر كراشدين.
اعتداءات مشينة
وبحسب المنظمتان، فقد تضمّنت معظم قضايا الأطفال انتهاكات بحقهم أو مخالفات للإجراءات القانونية الواجبة في مركز شرطة مدينة حمد.
وقال خمسة أطفال اعتُقلوا في 14 و15 فبراير/شباط إنّ شرطيَيْن في ذلك المركز ضربوهم، وأهانوهم، وهددوهم بالصعق بالكهرباء من بطارية سيارة.
وقال والد أحد الأطفال إنّ شرطيا ضرب ابنه (13 عاما) على رأسه وأعضائه التناسلية، وهدّده بالاغتصاب، وصعقه بالكهرباء، وكرّر تهديده بالاغتصاب حتى بعد أن سُمح لوالده بالانضمام إليه.
ولم تسمح الشرطة بحضور الوالدَين أو المحامين أثناء الاعتقال والاستجواب الأوّلي، حيث أفيد بحصول انتهاكات.
وينصّ القانون البحريني على أنّه لا يجوز منع محامٍ من مقابلة موكّله في أيّ من مراحل الإجراءات الجنائية.
استبعاد أهالي الأطفال
وفي خمس حالات، سُمح للوالدَين بالحضور عندما كان عناصر الشرطة يأخذون تصريحات الأطفال.
لكن فقط بعد الاعتراف الشفهي للأطفال وتهديدهم من العناصر بالاحتجاز إن لم يكرّروا اعترافهم في الإفادة الرسمية، بحسب الأطفال ووالدَيْهم.
استُجوب الأطفال أيضا في النيابة العامة في المنامة. قال الأطفال وعائلاتهم إنّ النيابة لم تسمح بحضور الوالدَيْن عندما أخذت إفاداتهم.
وأصدر القضاة أوامر احتجاز الأطفال وجدّدوها من دون إخطار الوالدَيْن أو السماح لهم بحضور جلسات الاستماع.
وبموجب القانون البحريني، يجوز للقضاة إصدار أوامر الاحتجاز أو تجديدها بحق أطفال حتى سبعة أيام، من دون مبرّر معلّل.
ورفضت السلطات أيضا زيارات عائلات الأطفال أثناء احتجازهم، ومنعت عائلة سيد حسن أمين (16 عاما)، المحتجز في مركز توقيف الحوض الجاف، من إيصال أدوية موصوفة له لخمسة أيام بعد اعتقاله.
ولم يعطِ المركز أمين الأدوية لثلاثة أيام إضافية، علما أنّ لديه مضاعفات طبية خطيرة بسبب فقر الدم المنجلي، بما فيها النوبات.
وكان قد أمضى معظم شهر نوفمبر/تشرين الثاني في المستشفى. أثناء جلسة استماع في 24 فبراير/شباط، رفض قاضٍ الإفراج عن أمين.
انتهاكات خطيرة
ولا يزال ثلاثة أطفال آخرين في القضية نفسها مُحتجزين، وفق المنظمتان الحقوقيتان.
وقالتا إنه وسط اهتمام دولي بقضاياهم، أُفرج عن ستة أطفال ممَن اعتُقلوا في فبراير/شباط، رغم أنّ القاضي كان قد جدّد احتجازهم لسبعة أيام إضافية.
واتهمت المنظمتان السلطات بالتقاعس عن إجراء تحقيقات موثوقة ومحاكمة المسؤولين وعناصر الشرطة الذين يزعم ارتكابهم لانتهاكات خطيرة، بما فيها التعذيب، وخلقت ثقافة الإفلات من العقاب.
وقال بيل فان إسفلد، المدير المشارك لحقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش:
“هذه الانتهاكات التي يرتكبها نظام العدالة الجنائية هي الحلقة الأحدث في سجلّ طويل من إيذاء الأطفال لتوجيه رسالة قمعية”.
وأضاف: “ينبغي أن تضمن المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وحكومات أخرى عدم استخدام دعمها الأمني للبحرين في تعذيب الأطفال وإذلالهم”.