يتعمد النظام الخليفي تغييب أي رقابة برلمانية بشأن إدارة الوضع الاقتصادي في البلاد وهو ما يتيح له التغول في الفساد وتهميش القضية الأخطر التي تمس حاضر ومستقبل البحرينيين المتعلقة بالارتفاع القياسي للديون.
ويناقش مجلس النواب هذه الأيام مرسوما ملكيا برفع سقف الدين العام إلى 16 مليار دينار، وبررت وزارة المالية والاقتصاد الوطني الاستعجال في المصادقة على المرسوم بـ”توفير الاحتياجات المالية لتمويل العجز في الميزانية عن العامين 2023-2024″.
وقد أوصت اللجنة المالية بمجلس النواب بالموافقة على المرسوم برفع سقف الدين إلى 16 مليار دينار، لكن الدين العام الفعلي للبلاد يفوق هذا الرقم أصلا بحسب بيانات سابقة لوزارة المالية نفسها.
فقد أعلنت وزارة المالية 22 مارس/ آذار 2023، في ردها على سؤال نيابي، أن الدين العام بلغ حتى ديسمبر 2022 نحو 16.7 مليار دينار، وهذا يشير إلى أن الدين العام يفوق السقف المحدد في المرسوم بأكثر من 700 مليون دينار.
ويعني ما جاء في البيان الحكومي، أن البرلمان بغرفتيه الشورى والنواب ليس له سلطة حقيقية في صناعة القرار في البحرين، وأن الحكومة رفعت سقف الدين العام إلى 16.7 مليار دينار منذ ديسمبر 2022 دون أخذ الإذن من البرلمان.
أما الديون الحقيقية للبلاد فهي تفوق ذلك بكثير حيث يعتقد أن الدين العام يصل إلى 20 مليار دينار بعد احتساب ديون الهيئات والشركات الحكومية مثل الهيئة الوطنية للنفط والغاز وشركة ممتلكات البحرين بحسب موقع (مرآة البحرين) الإخباري.
وبالعودة إلى مبررات رفع سقف الدين العام، فقد أشارت وزارة المالية إلى أنها تريد تغطية عجز الموازنة، فكم عجز الموازنة للعامين 2023 وكم عجز الموازنة للعام 2024؟
وقدّرت أرقام الموازنة أن العجز في 2023 بحوالي 520 مليون دينار، أما العجز في العام 2024 فتم تقديره بحوالي 161 مليون دينار ما يعني أن إجمالي العجز عن العامين 680 مليون دينار فقط، فلماذا إذن استدانت المالية أكثر من ذلك؟
وكانت وثيقة نشرتها وكالة (رويترز) أشارت إلى أن البحرين أصدرت (فبراير 2024) سندات مالية (ديون) بملياري دولار (750 مليون دينار) بزيادة 50 مليون دينار عن مجموع العجز للعامين.
إن هذه الديون فقط فبراير الماضي، فإذا حسبنا الديون التي استدانتها الحكومة العام الماضي، وستقوم باستدانتها حتى نهاية العام الجاري فستجد أنها ضعف قيمة العجز إن لم يكن أكثر.
وها يتساءل مراقبون لماذا لا يراقب مجلس النواب عمليات الاقتراض ويوجه أسئلة واضحة للحكومة: لماذا تقترض الحكومة سنويا 500 مليون دينار أكثر من حاجتها؟ وأين تذهب هذه المبالغ؟