النظام البحريني بصدد فرض المزيد من القيود القانونية على حرية الإعلام

يعتزم النظام البحريني فرض المزيد من القيود القانونية على حرية الإعلام عبر إقرار قانون للرقابة والتحكم بمحتوى”اليوتيوبر” و “البلوقر” البحريني.

وتستهدف سلطات النظام البحريني التحكم بكل المحتوى البحريني على الانترنت في إطار نهج القمع وتكميم الأفواه الذي تنتهجه في البلاد.

وقد أطلقت صحيفة الوطن الرسمية حملة لتهيئة الرأي العام في البحرين لاستقبال تشريع قانون للتضييق على عمل “اليوتيوبر” و”البلوقر”. وقال رئيس لجنة نيابية إن لديه قانون بهذا الشأن لم يقدمه بعد للمجلس.

ونقلت الصحيفة المحسوبة على وزير الديوان الملكي خالد بن أحمد آل خليفة، تصريحات برلمانيين وشوريين من المقربين من السلطة، حيث أيّد هؤلاء وفرض “رقابة بما يتفق مع الأوضاع الاجتماعية والسياسية الاقتصادية”، على البحرينيين الذين يملكون قنوات في اليوتيوب المعروفين بالـ”اليوتيوبر”، وكذلك أصحاب المدونات الشخصية المعروفين بـ “البلوقر”،

وطالبوا بـ “تحديث القوانين المتعلقة بهذا الشأن بما يسهم في تنظيم هذا المجال، بحيث تشمل الرقابة على المحتوى وضمان مراعاتها للذوق العام وبما يتفق مع الحرية المسؤولة”. بحسب تعبيرهم.

وقالوا: إن “اليوتيوبر والبلوجر في البحرين أصبحوا يحققون أرباحاً طائلة جراء صناعة المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، وهم من أصحاب الدخل المرتفع، لذا فمن الضروري أن يخضع هذا المحتوى للمراقبة، خاصة فيما يتعلق بجرائم غسل الأموال، وغيرها من القضايا الأخرى المرتبطة بالأمن القومي للبلاد”.

وقال عضو مجلس الشورى علي العرادي، إن “قضية وضع أطر قانونية لضبط وتنظيم عمل اليوتيوبر، والبلوقر، يجب أن تدرس وفق معايير قانونية موضوعية تنظم إدارة المحتوى الإلكتروني في المقام الأول”.

وأكد أهمية “التفريق بين ضمان حرية الرأي المكفولة بالدستور، وبين الحرية المسؤولة، بحيث لا يكون هناك تعدٍّ على حرية الآخرين”.

من جانبه زعم رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب محمد السيسي، إن “الشارع البحريني في حاجة إلى تشريع يضبط استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وينظم المهن المستحدثة عليه مثل اليويتوبر، والبلوجر، لضمان عدم حدوث تجاوزات تؤثر سلباً على المجتمع”.

وقال إنه ليس ضد المحتوى الهادف، ولكنه “ضد ما يشيع ثقافة الاستسهال عبر تقديم محتوى سلبي وغير هادف ينعكس بالضرر على المجتمع”.

وأشار إلى أنه كان بصدد تقديم مقترح بقانون بهذا الشأن، لكنه فضل تأجيله خلال الفترة الماضية لإعادة دراسته مجدداً بما يتناسب مع التكنولوجيا الحديثة وإيجاد آلية قانونية قادرة على ضبط نظام عمل “اليوتيوبر”.

في السياق ذاته قال النائب الثاني لرئيس مجلس النواب على زايد إن القوانين والتشريعات تحتاج إلى تحديث وتطوير لتنظيم عمل “اليوتيوبر والبلوقر” بشكل صريح وواضح.

ومؤخرا وثقت رابطة الصحافة البحرينية 49 تعدًّ خلال العام 2021 على الحريات الإعلامية وحرية الرأي والتعبير في البحرين، فيما يتتضح أن نصف هذه التعديات تتعلق بقضايا الإنترنت بواقع 26 حالة.

كما أكد تقرير صادر عن مختبر “سيتيزن لاب” التابع إلى جامعة تورنتو بكندا عن تجسس الحكومة البحرينية على هواتف صحافيين ومصورين بحرينيين في الخارج من خلال برنامج خاص على الآيفون أنتجته مجموعة “إن إس أو” الاسرائيلية للتكنولوجيا “NSO”.

وتركزت معظم الحالات الموثقة بحسب الرصد السنوي الذي تجريه رابطة الصحافة البحرينية على استدعاءات التحقيق في مراكز الشرطة والنيابة العامة لمواطنين أبدوا آراءهم باستخدام وسائل التعبير المختلفة وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي بواقع 31 استدعاءً.

كما وثقت الرابطة أيضاً عدد 6 اعتقالات و7 إجراءات قضائية وعدد 4 حالات عبارة عن انتهاكات مختلفة.

وأبرز التهم التي وجهت للمستجوبين والموقوفين أو الذين أدينوا في المحاكم أو عبر إجراءات إدارية تمثلت في “انتقاد تطبيع العلاقات بين البحرين وإسرائيل” و”التشكيك في جهود الفريق الوطني لمكافحة فيروس كورونا” و”إهانة القضاء” و”انتقاد وزارة الداخلية” و”مخالفة الآداب العامة”.

وتمثل الأرقام المذكورة تراجعاً إلى نحو النصف مقارنة مع الأرقام المسجلة في العام السابق 2020 التي بلغت 111 انتهاكا وكذلك الأعوام السابقة.

ويرجع ذلك بحسب تحليل الرابطة إلى الرقابة الذاتية التي خلقتها إجراءات القمع القاسية في السنوات الماضية.

لقد رسمت الإجراءات الحكومية المتعسفة جدراناً سميكة للكلام المباح وحدوداً للمسموح وغير المسموح الخوض فيه.

ولتفادي الاعتقال فإنّ أصحاب الرأي المستقل أو المعارض يلجأون إلى انتقاء صيغ حذرة وموزونة بشدّة تعفيهم من الوقوع في دائرة استهداف إدارة الجرائم الإلكترونية.

وقد انخفضت حالات الانتهاكات لأن التعبير عن آراء ناقدة وجريئة أصبح أقل وعدد المنخرطين في النقاشات العامّة قد تراجع كثيراً.

مثال ذلك قياديو جمعية “الوفاق” الوطني الإسلامية المتواجدون داخل البلاد الذين يمتنعون عن إبداء أية آراء علنية حول الشأن العام على شبكة الإنترنت منذ حل الجمعية في 2016.

فقد كان هؤلاء يقودون أكبر جمعية سياسية في البلاد لكنهم الآن محكومون بالتعاطي مع الواقع المستجد الذي خلقته حملة القمع.

كان لافتاً خلال هذا العام تمرير مجلس النواب مرسوماً يمنع على أعضاء مجلس النواب أنفسهم “توجيه النقد أو اللوم أو الاتهام” للحكومة، وهي خطوة تندرج في سياق العديد من الخطوات الأخرى التي جعلت انتقاد الحكومة وهيئاتها والقائمين عليها أمراً مكلفاً للغاية إذا لم يكن مستحيلاً.

إن رابطة الصحافة البحرينية تأسف للتراجع الخطير الذي وصلت له البلاد على صعيد الحريات الإعلامية وحرية الرأي والتعبير. وتواصل حثها السلطات على ضرورة مراجعة موقفها وتبني مقاربة جديدة تخرج البلاد من الاحتقانات التي خلقتها أزمة 2011.

ورغم الصورة الإيجابية التي حققتها الحكومة البحرينية في مشروع العقوبات البديلة إلا أن المحكومين في القضايا المتعلقة بحرية الرأي والتعبير وخصوصًا من القيادات السياسية للمعارضة والصحافيين ونشطاء المجتمع المدني، لا يزالون مستثنين من هذا الإفراج المشروط.

يضاف لذلك أن الدولة لا تزال تمتنع عن إنصاف الصحافيين الذين أقدمت على إسقاط جنسياتهم خلال العام 2011 خلاف أحكام الدستور والقانون. إن حلحلة هذه القضايا كفيل بوضع البلاد على السكة الصحيحة.

وحثت رابطة الصحافة البحرينية حكومة ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء سلمان بن حمد آل خليفة على اتخاذ قرار جريء بإيقاف التدهور الحاصل على صعيد الحريات الإعلامية المستمر منذ 2011.

وفيما يلي تفاصيل أبرز التعديات والانتهاكات خلال العام الجاري:

استدعاءات

استدعت إدارة الجرائم الإلكترونية (4 يناير 2021) الصحافي جعفر الجمري للتحقيق بشأن تغريدة أعاد نشرها تنتقد تطبيع البحرين علاقتها مع إسرائيل.

واستدعت إدارة الجرائم الإلكترونية (11 فبراير 2021) الجمري للمرة الثانية للتحقيق معه بشأن شكون ضده قدمتها وزارة التربية والتعليم بعد أن نشر تغريدة حول “مدارس المستقبل”.

واستدعت النيابة العامة (27 يناير 2021) أخصائية التغذية د. علياء المؤيد حيث اتهمتها بـ”العمل ضد جهود الفريق الوطني لمكافحة فيروس كورونا” بعد أن نشرت تدوينة حول اللقاحات المستخدمة.

واستدعت إدارة الجرائم الإلكترونية (24 مارس 2021) المحامي عبدالله هاشم للتحقيق معه بشأن شكوى ضده تقدم بها مراسل “العربية” بعد أن نشر تغريدة انتقده فيها.

واستدعت النيابة العامة (11 مايو 2021) النائب السابق محمد خالد عضو جمعية المنبر الإسلامي للتحقيق معه إثر إعادته تغريدة لكاتب كويتي وهو د. جاسم الجزاع انتقد فيها الأنظمة الخليجية التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل.

كما استدعت إدارة مكافحة الجرائم الالكترونية (24 مايو 2021) امرأة تبلغ من العمر 52 عاماً بعد نشرها تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر قالت إنها “تعد إهانة لإحدى الملل في البلاد والتحريض على بغض طائفة عن طريق النشر”.

واستدعت السلطات الأمنية خلال الفترة ما بين 10 و20 أغسطس 2021 عدد 15 منشدا وعالم دين شيعي حيث قامت بالتحقيق معهم في تهم تتعلق بإحياء شعائر عاشوراء الدينية خاصة مضامين بعض الخطب والأناشيد الدينية.

وعرف من بين الذين تم استدعاؤهم الشيخ محمد رياش، الشيخ عبدالمحسن ملا عطية الجمري، الرادود محمد القلاف، الرادود صالح سهوان، الرادود حسن نوروز، الرادود السيد أحمد العلوي، علي محمد آل عباس، حسين علي محمد عاشور، كاظم ابراهيم المهدي، محمد عبدالحليم فردان، علي أحمد مهدي، يوسف أحمد مهدي، أحمد خليل زين الدين، صادق عبدالواحد مرهون.

واستدعت السلطات الأمنية (4 أكتوبر 2011) للتحقيق الصحافي سعد راشد بعد شكوى ضده تقدم بها أحد أعضاء جمعيات المجتمع المدني.

وفي السياق استدعت السلطات الأمنية (29 أكتوبر 2021) 3 إداريين وأعضاء في الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع وهم غسان سرحان وإبراهيم كمال الدين وعمار سيادي حيث تم التحقيق معهم بشأن دعوتهم لإقامة فعالية تضامنية مع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

واستدعت نيابة محافظة العاصمة (8 ديسمبر 2021) عدد 4 متهمين للتحقيق معهم فيما وصفته “التحريض على ارتكاب الفجور” بعد نشرهم مقاطع مصورة في وسائل التواصل الاجتماعي اعتبرتها منافية للآداب العامة.

كذلك استدعت النيابة العامة (14 ديسمبر 2021) إلى التحقيق مديرة حضانة “ديزني” مريم رضي بعد تصويرها فيديو لأطفال يناقش قضايا اجتماعية وسياسية على المستوى المحلي.

الاعتقالات

أوقفت وزارة الداخلية (7 يناير 2021) سيدة تبلغ من العمر 44 عاما بسبب بثها مع آخرين على حسابها في “انستغرام” ما وصفته الداخلية بأنه “تحريض على الفسق”.

كما أوقفت وزارة الداخلية (23 فبراير 2021) لنفس التهمة سيدة تبلغ من العمر 35 عامًا بعد نشرها مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي يتضمن ما أسمته “عبارات مخالفة للآداب العامة”.

واعتقلت وزارة الداخلية (13 مايو 2021) المواطن مرتضى الليث بعد توجيهه انتقاداً لبيان صادر عن الوزارة للرد على قناة “الجزيرة” القطرية زعمت فيه عدم وجود سجناء سياسيين في البحرين.

وفي السياق اعتقلت وزارة الداخلية (23 يونيو 2021) العقيد البحري المتقاعد محمد الزياني لنشره فيديو على حسابه في موقع “انستغرام” تطرق فيه بصورة غير مباشرة إلى الفساد في السلك القضائي قائلاً “إذا كان الشخص فاسداً وساعده القاضي فإن هناك فساد”.

واعتقلت السلطات الأمنية (30 يونيو 2021) النائب البرلماني السابق أسامة التميمي من المستشفى حيث يرقد بعد يوم من نشره مقطعاً صوتياً اتهم فيه السلطات “بحقنه بمادة سامة أثناء اعتقاله قادت إلى إصابته بجلطة في الدماغ”.

وألقت إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية (9 ديسمبر 2021) القبض على شاب 21 عاما زعمت بأنه “قام بسب الذات الإلهية والتحريض على ممارسة أعمال منافية للآداب العامة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي”.

إجراءات قضائية وعقوبات

ألزمت الإدارة العامة للتحقيقات والأدلة الجنائية (22 مارس 2021) أمين عام جمعية التجمع الوحدوي حسن المرزوق على دفع غرامة مالية بعد صدور حكم بحقه “قال إنه لا يعلم عنه” على خلفية تغريدة قديمة له حول حصار قرية الدراز.

وحكمت محكمة بحرينية (31 مارس 2021) على امرأة (44 عاماً) بالسجن 6 أشهر بتهمة “الدعوة والتحريض على ممارسة الزنا” بعد نشرها مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأصدرت محكمة الجنايات الصغرى (6 ابريل 2021) حكما بالسجن 3 سنوات على المواطن أحمد سعد بتهمة

“إهانة القضاء” بعد نشره مقطع فيديو يشكو فيه من أعضاء في السلك القضائي إثر قضية كانت لديه في المحكمة.

وقرر المجلس التأديبي للمحامين بناءا على دعوى مرفوعة من قبل وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة (22 مارس 2021) منع المحامي عبدالله الشملاوي من مزاولة المهنة “المحاماة” لمدة سنة على خلفية تغريدة له تتعلق بشأن ديني يتعلق بصيام يوم عاشوراء.

وأصدرت المحكمة الصّغرى الجنائيّة (8 يوليو 2021) حكمًا بالسجن سنتين على النّاشط الإعلاميّ محمد الزياني بتهمة ازدراء هيئة قضائيّة.

وأيدت محكمة الاستئناف العليا (3 أغسطس 2021) الحكم الصادر بحقه قبل أن تقوم في وقت لاحق في 31 أكتوبر 2021 بتخفيفه إلى نصف المدة.

وفي 3 نوفمبر 2021 وافق قاضي تنفيذ العقاب على الإفراج المشروط عنه بموجب قانون العقوبات البديلة.

انتهاكات أخرى

بدأ الأكاديمي والمدون المعتقل الدكتور عبدالجليل السنكيس (8 يوليو 2021) إضراباً مفتوحاً عن الطعام بعد أن قام الضابط في سجن “جو” المركزي محمد يوسف فخرو بمصادرة بحث قام بتأليفه في السجن حول الأمثال الشعبية.

وكشف تقرير صادر عن مختبر “سيتيزن لاب” التابع إلى جامعة تورنتو بكندا (24 أغسطس 2021) عن تجسس الحكومة البحرينية على هاتفي المغرد يوسف الجمري صاحب حساب @YusufAlJamri الإخباري وكذلك المصور موسى عبدعلي من خلال برنامج خاص على الآيفون أنتجته مجموعة “إن إس أو” الاسرائيلية للتكنولوجيا”NSO”.

وأكد كاتب العمود الصحفي السابق في صحيفة “أخبار الخليج” إبراهيم الشيخ (27 سبتمبر 2021) إنه ما يزال ممنوعاً من الكتابة في الصحيفة منذ 2019 حيث جاء في تغريدة له “منعي مستمر حتى يومنا هذا”.

ومنعت وزارة العدل (10 نوفمبر 2021) ندوة افتراضية على تطبيق “زوم” للتواصل المرئي بعنوان “خطة التعافي الاقتصادية: رؤية تحليلية” كان من المزمع أن يشارك فيها القيادي في جمعية “وعد” المحلولة إبراهيم شريف.

Exit mobile version