انتخابات البحرين 2022: تقليص الكتلة الانتخابية وسط قيود مشددة

تترقب البحرين إجراء الانتخابات البرلمانية 2022 في ظل فضائح نظام آل خليفة التي تضمنت تقليص الكتلة الانتخابية وتشديد القيود المفروضة على منظمات المجتمع المدني.

وإلى ما قبل العام 2011، ظلت أسرة آل خليفة ملتزمة بالشكليات إلى حد كبير، في مختلف الأمور والمواقف، من الفعاليات ذات الطابع الاجتماعي والديني وصولاً إلى المواقف السياسية أياً تكن بحسب موقع مرآة البحرين المعارض.

حرص خليفة بن سلمان على إبقاء شخصيات شيعية من حوله، كما حرص القصر منذ عهد عيسى بن سلمان وصولاً إلى حمد بن عيسى على إظهار الشخصيات الشيعية ورجال الدين الشيعة في المناسبات المختلفة.

ومنذ العام 2001 حرصت الأسرة على أن تظهر كعائلة مالكة أسوة بالأسر الملكية في دول كالمملكة المتحدة، فالملك هو أب الجميع، أبناؤه يهتمون بالرياضة والأعمال الخيرية والفن، ولديهم شعبية لدى فئة الشباب تحديداً، الدولة مليئة بالمؤسسات التي تعبر عن دولة ديمقراطية حقيقية، فوسائل الإعلام، والبرلمان والحريات …الخ، كل شيء موجود في هذه الجزيرة الصغيرة.

حتى التلاعب بالانتخابات، كان يتم عن طريق التجنيس السياسي، الذي كان يزيد الكتلة الناخبة زيادة غير طبيعية (ذروة التجنيس السياسي كان بين العام 2001 و2006، وظهر ذلك من خلال الزياد غير الطبيعية في الكتلة الناخبة).

بل كانت البحرين تكترث كثيراً لسمعتها فيما يتعلق بالمنظمات الحقوقية الدولية وتحاول دائماً تحسين صورتها عبر حملات العلاقات العامة للحد من أية آثار مترتبة على تلك الانتقادات الحقوقية المتكررة.

لكن العام 2011 سيغير كل شيء في هذه البلاد، لن يخجل أبناء الأسرة الحاكمة من الخطاب الطائفي، سيذهب خليفة بن سلمان لساحة البسيتين المليئة بخطابات الحقد والكراهية وسيحمل على أكتاف المتواجدين هناك.

وستظهر شخصيات في الأسرة الحاكمة تمارس البلطجة، تحمل السلاح وتلاحق المحتجين السلميين، ستنشأ حسابات إلكترونية تحريضية يديرها أبناء الأسرة الحاكمة.

كما سيتخلى وزير العدل عن لياقته وأدبه في الحديث إلى شخصيات دينية وسياسية لها من التاريخ الطويل قبل ولادته ونشأته، ستغلق الصحف ويعتقل الناس ويقتلون في الطرقات أو عبر المشانق، ولن تلتفت البحرين لأي انتقاد أو تقرير حقوقي من أكبر المنظمات الحقوقية أو أصغرها.

ستلعب الأسرة الحاكمة لعبتها التي دائما لعبتها، لكن على المكشوف ودون خجل أو مواربة.

وهكذا ستتخلى الأسرة حتى عن الشكليات التي لطالما مهرت “العهد الإصلاحي” وكانت عنواناً بارزاً فيه.

لا مشكلة من إصدار قوانين ومعاقبة الناس على معتقداتهم أو انتماءاتهم السياسية عبر قانون كـ “العزل السياسي” الذي توسع ليعاقب أي منتم لجمعية سياسية تم حلها، حتى من الترشح لمجالس إدارات الصناديق الخيرية والأندية الرياضية.

بل سنصل إلى مرحلة جديدة من عدم الاكتراث، بشطب أسماء كل من تجرأ ولم يتوجه لصناديق الاقتراع في الانتخابات الماضية (بدأ مشروع شطب المقاطعين من كشوف الناخبين في انتخابات 2018 تحديداً وزادت وتيرة الشطب في كشوف ناخبي 2022).

فلا داعي لأصوات من قرروا مقاطعة الانتخابات، لا داعي لوجودهم في قائمة الناخبين أصلاً. سنعاقب الجميع ولن تكترث، هكذا يتحدث لسان حال ملك البحرين للمواطنين.

لقد ولى ذلك الزمان الذي تمارس فيه السلطة الترهيب بمنع الخدمات عن المقاطعين أو الترغيب بمنح امتيازات للمشاركين.

في 2022 نحن لسنا بحاجة لأصواتكم، سنختار لكم 40 مهرجاً يملأون الصحف ووسائل الإعلام بالمواد الإعلامية ذات الطابع الفكاهي طوال السنين الأربع المقبلة، وبعد ذلك سنبحث لكم عن 40 آخرين.

أما من يرغب في الترشح، فما هم سوى مواطنين بسطاء (في معظمهم) يبحثون عن تعديل أوضاعهم المعيشية بالحصول على وظيفة ذات راتب مغر وجواز سفر دبلوماسي، لا أكثر، وحتى هؤلاء سنقرر من منهم يستحق الترشح ومن منهم لا نريد في مجلسنا الهزلي الذي لم يعد أحد وفي مقدمتهم ملك البلاد يأخذه على محمل الجد.

يأتي ذلك فيما فضح مؤشر المشاركة السياسية لعام 2022 في دول الخليج الصادر عن البيت الخليجي للدراسات والنشر، تشديد البحرين قيودها تجاه مؤسسات المجتمع المدني.

وأظهر المؤشر محافظة دولة الكويت على المرتبة الأولى بحصولها على 534 درجة من مجموع 1,000 درجة على “مؤشر المشاركة السياسية في دول مجلس التعاون الخليجي”، مسجلة ارتفاعاً بـ 9 درجات. تلتها دولة قطر التي تقدمت إلى المرتبة الثانية بحصولها على 453 درجة متقدمة بـ 6 درجات مقارنة بالعام الماضي.

وهبطت سلطنة عمان إلى المرتبة الثالثة مُسجلة 439 درجة بانخفاض قدره 10 درجات مقارنة بالعام الماضي. وبقت مملكة البحرين في المرتبة الرابعة بتسجيلها 438 درجة، ثم دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الخامسة برصيد 320 درجة، تلتها المملكة العربية السعودية في المرتبة الأخيرة بتسجيلها 233 درجة.

وفيما لا تزال الكويت – منفردة – تتخطى حاجز الـ 500 درجة تبقى بقية الدول دون ذلك. وهو ما يشير إلى حالة من الجمود في تطوير البيئات السياسية داخل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إذ أنه وباستثناء تراجع عُمان (10 درجات) يبقى التقدم في بقية الدول هامشياً، أفضله كان في الكويت (9 درجات).

وتوضح نتائج المؤشر حاجة دول مجلس التعاون لتوسيع أطر المشاركة السياسية وصُنع القرار، خصوصًا تعزيز وتوسيع صلاحيات المجالس المنتخبة وتحسين قوانين الانتخابات وتعزيز المواطنة المتساوية وضمان حرية الرأي والتعبير وسلامة الأفراد الممارسين للعمل السياسي.

كما يُلاحظ اتجاه كل من البحرين والإمارات نحو تشديدُ القيود على مؤسسات المجتمع المدني، فيما يبقى الهامش المُتاح في بقية الدول (باستثناء الكويت) ضئيلاً.

ويمثلُ كل من تشكيل التنظيمات السياسية وتوافر أدوات المعارضة وضمان سلامة المُمارسين، تحدياتٍ جديةً في جميع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

كما أن احتكار العائلات الحاكمة لسلطة تعيين الحكومات والمناصب العليا في المؤسسات الأمنية والعسكرية والقضاء يُقلصُ من قدرة المواطنين على اختيار مُمثليهم في السلطات التنفيذية، فضلاً عن أن صلاحيات الرقابة والمساءلة والاستجوابات في السلطات التشريعية هي غالباً ممنوعة أو مقيدة.

وبحسب المؤشر فإن سلطنة عمان تقدم نموذجاً فريداً في تعزيز مناخ المواطنة المتساوية والتمثيل المتناسب للجماعات والأقليات فيها. قبالة ذلك، تعتمد كل من (الإمارات، الكويت، قطر، البحرين) سياسات تمييزية وتمثيلاً غير عادل فيما يتعلق وضمان حق المشاركة السياسية في انتخابات المجالس التشريعية والبلدية لمواطنيها. ترتكز هذه السياسات على موانع وضوابط تحددها قوانين الجنسية ومباشرة الحقوق السياسية وتنظيم الانتخابات. وهو ما يجعل من موضوع المواطنة المتساوية ملفًا بالغ الأهمية فيها.

وتؤكد نتائج المؤشر أن المناصب العليا والوظائف القيادية والحساسة في غالبية دول مجلس التعاون الخليجي شبه محتكرة لأبناء الأسر الحاكمة والقبائل والعائلات المُقربة منها، ما يترتب عليه وجود أقليات مهمشة أو جماعات غير ممثلة بما يتوازى مع تعدادها في المجتمع. تتميز قطر بنفاذية عالية لمواطنيها في الوصول إلى هذه المناصب. وفيما تراجعت عُمان (8 درجات) جراء تزايد تعيينات أبناء الأسرة الحاكمة في مناصب عليا، تقدمت البحرين (7 درجات) بعد تقليص عدد الوزراء من العائلة الحاكمة.

وباستثناء السعودية التي تقدمت (4 درجات)، لم تحقق بقية الدول أي تحسن معتبر في خلق بيئة ترعى حرية الرأي والتعبير أو في مواجهة خطابات الكراهية والتحريض على العنف. كما أن مستويات المشاركة المجتمعية في الرقابة المستقلة على أداء مؤسسات الدولة وإنفاقها محدودة.

 

Exit mobile version