عام بعد أخر يؤدي الفساد والتجنيس وهما من أبرزت سمات نهج النظام الخليفي الحاكم في البحرين، إلى تكريس غياب العدالة الاجتماعية للمواطنين.
وبهذا الصدد أكدت ثماني جمعيات سياسية موالية ومعارضة أنّ “المظاهر التي تجسّد غياب العدالة الاجتماعية في البحرين ناجمة عن السياسات الاقتصادية النيوليبرالية التي لا توفّر أي أفضلية أو حماية للعامل والتاجر البحريني”.
وأبرزت الجمعيات في بيان مشترك تلقى “بحريني ليكس” نسخة منه تفاقم مشاعر الرفض وعدم الرضى للواقع المعيشي الذي تعيشه فئات واسعة من الشعب البحريني.
وعزا البيان ذلك إلى ضعف الرواتب وارتفاع الأسعار وفرض الضرائب والبطالة ومحدودية الوظائف المجزية التي توفّر للبحرينيين، ممّا يدفع الكثير منهم إلى العمل في وظائف متدنّية أو أنشطة هامشية تهدّد حياتهم المستقبلية.
وتساءلت الجمعيات: “كيف ستتحقق العدالة بين الأجيال والبحرين تعاني من انتشار ظاهرة الفساد والتجنيس؟”، مشيرة إلى أنّ “نسبة الدين العام في تصاعد خطير يحمل الأجيال المقبلة أعباء تسديده لسنوات طويلة، وظواهر خطيرة أخرى تهدّد الأجيال المقبلة وهي الخلل السكاني المتفاقم حيث ناهز السكان الأجانب نحو 60 في المئة من السكان”.
كما أشارت إلى أنّ “العمالة الأجنبية تستحوذ على 90 في المئة من الوظائف الجديدة في الاقتصاد، بينما تستفيد فئات متنفذة من ظاهرة “فري فيزا” وتحويل الفيز السياحية إلى فيز عمل المتفشية في البلاد”.
وطالبت الجمعيات في بيانها المشترك مجلس النواب بـ “عدم الاكتفاء بمناقشة تحسين شبكة الحماية الاجتماعية، بل معالجة المشكلة من جذورها والمتمثّلة في النهج الاقتصادي المُتَّبَع من قِبَل الدولة”.
ويمثل تحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات السبيل الوحيد من أجل القضاء على ظاهرة الفقر الخطيرة في البحرين التي تشهد تناميا منذ سنوات.
ويؤكد مراقبون أن مكافحة الفقر في البحرين والحد من تلك الظاهرة الخطيرة التي قد تؤثر على الأوضاع الاجتماعية السياسية المستقرة تحتاج إلى خطوات عدة منها التوزيع العادل للثروات.
ويتطلب ذلك عدم السماح باستمرار تركيز الثورات في يد عدد محدود من السكان أو أفراد النظام الخليفي الحاكم.
كما يتطلب ذلك تحقيق العدالة الاجتماعية وإطلاق الحريات الاقتصادية، وتخفيف ظاهرة المال السياسي.
إلى جانب ضرورة تنويع أنشطة الاقتصاد وعدم تركزها على قطاعي النفط والغاز، ودعم القطاع الخاص الموفر الأول لفرص العمل.
فضلا عن ذلك يتوجب إصلاح نظام الدعم الحكومي بحيث يوجه للفئات الفقيرة وذات الدخل المنخفض، لا للأسر الثرية القادرة على شراء السلع بالتكلفة وسعر السوق.
الأمر يتطلب أيضا استفادة الشعب البحريني من ثرواته الضخمة المودعة والمستثمرة في الخارج، واسترجاع جزء من الأموال المتراكمة في البنوك الغربية لدول المنطقة، على أن توجه لإقامة مشروعات يتم من خلالها خلق فرص تشغيل والحد من البطالة وهو ما يساهم في الحد من الفقر.
وأظهرت إحصائيات دولية معدلات صادمة لمعدلات الفقر في البحرين بفعل فساد النظام الخليفي الحاكم وإهداره ثروات ومقدرات البلاد.
وبحسب لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “إسكوا“، فإن البحرين تسجل ثالث أعلى معدل فقر بين دول الخليج.
وبحسب اللجنة فإن 3.3 مليون مواطن من مواطني بلدان مجلس التعاون الخليجي يعيشون في فقرٍ. وتتراوح نسب الفقراء في هذه البلدان بين 0.4 في المائة (في قطر) و13.6 في المائة (في المملكة العربية السعودية).
وتسجِّل عُمان والمملكة العربية السعودية أعلى نسبتين للفقراء، حيث يعيش 10.1 في المائة و13.6 في المائة من مواطني هذين البلدين على التوالي، في فقر.
فيما تحتلّ البحرين المرتبة الثالثة بنسبة فقراء تبلغ 7.5 في المائة.
ويؤثّر الفقر على واحد من كلّ سبعة مواطنين في المملكة العربية السعودية، وواحد من كلّ عشرة مواطنين في عُمان، وواحد من كلّ 13 مواطناً في البحرين.
وتقلّ معدلات الفقر في الكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر عن 2 في المائة.
واعتمدت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) ومعدلات النمو المقدرة من أجل احتساب عتبات الفقر من حيث الانفاق في هذه البلدان ومعدلات الفقر فيها في الفترة 2010-2021.
وبحسب اللجنة فإنه منذ عام 2010، تَراجَعت معدّلات الفقر في بلدان مجلس التعاون الخليجي، باستثناء البحرين والكويت، فخرج 528,000 مواطن من دوامة الفقر.
وانخفضت نسبة الفقر في المملكة العربية السعودية وحدها، من 18.2 في المائة في عام 2010 إلى 13.56 في المائة في عام 2021، مع انتشال 483 ألف مواطن سعودي من الفقر.
وذكرت اللجنة أنه يستلزم الحد من الفقر إجراء إصلاحات مالية لزيادة تنويع قاعدة الإيرادات، وتحسين الاستهداف في خطط الحماية الاجتماعية، وإصلاح سياسات تخصيص الأراضي والمشتريات العامة.
كما ينبغي أن يكون الاستثمار في مهارات المواطنين أولوية طويلة الأجل. ومن شأن هذه الإصلاحات أن تتيح لشريحة أوسع من السكان الاستفادة من الفرص الاجتماعية والاقتصادية.