اشتعلت الخلافات في أوساط العائلة الحاكمة في البحرين بعد قيام الملك حمد بن عيسى آل خليفة بتكليف نجله وولى العهد سلمان بن حمد برئاسة الوزراء.
وجاء هذا التكليف بعد ساعات من إعلان الديوان الملكي البحريني وفاة الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، أقدم رئيس وزراء في العالم الذي تبوأ المنصب منذ 15 أغسطس/آب 1971.
وقالت مصادر مطلعة إن الملك حمد دفع بنجله لتولي رئاسة الوزراء ومنحه الدعم المالي واللوجستي الكافي لبسط سيطرته وإخماد الأصوات المعارضة في الحكومة والبرلمان لهذا الإجراء.
وتدور حرب خفية بين وجوه العائلة الحاكمة وكبار مسؤولي الحكومة حول هذا التعيين، الذي يراد منه تعزيز نفوذ الملك على الحكومة.
قرار تكليف
وجاء في قرار ملكي نشرته وكالة الأنباء الرسمية أن عاهل البلاد قرّر «تكليف صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى الأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة برئاسة مجلس الوزراء».
كانت بداية تحقيق بسط النفوذ الملكي على الحكومة، عندما حاول الملك تقليم أظافر الشيخ خليفة قبل فترة طويلة، بدأت بإصدار الملك حمد أمرًا ملكيًا تحت رقم (8) لسنة 2020 بإنشاء وتشكيل لجنة تنفيذية عليا في مجلس الدفاع.
أسند رئاسة اللجنة لنجله سلمان بن حمد آل خليفة وهو ولي العهد ونائب القائد الأعلى.
كما وضع نجله الثاني ناصر وهو مستشار الأمن الوطني، مقرّرًا للجنة.
الملك البحريني لم يكتف بوضع نجليه في مناصب قيادية في هذه اللجنة، ومضى أبعد بتعيين كل من وزير الديوان الملكي خالد بن أحمد، وأخيه المشير خليفة بن أحمد القائد العام لقوة دفاع البحرين، ووزير الداخلية راشد بن عبد الله آل خليفة، ووزير المتابعة بالديوان الملكي أحمد بن عطية الله آل خليفة، ووزير المالية والاقتصاد الوطني سلمان بن خليفة آل خليفة، أعضاء في هذه المؤسسة.
حكومة مصغرة
عند مراجعة تركيبة اللجنة التي تخلو من اسم رئيس الوزراء الراحل خليفة بن سلمان آل خليفة، أو أي من أبنائه، أو أحفاده، أو المحسوبين عليه. يتضح جليًا أن الملك كان يعد العدة منذ غادر رئيس الوزراء البلاد في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 للعلاج في ألمانيا، لإحداث نقلات في رقعة شطرنج حكم المنامة.
تبدو تشكيلة اللجنة أوضح تعبير عن خلاصات الصراع الداخلي في العائلة، وإرهاصاته، فهي بمثابة حكومة أمنية مصغّرة تعمل بإشراف الملك، وتختص بتنفيذ قرارات مجلس الدفاع الأعلى، والقيام بالمهام الموكولة إليها من قبل الملك والقائد الأعلى، وإبداء الرأي في المسائل التي تحال إليها. تضمّ اثنين من أبناء الملك، إضافة إلى وزير الداخلية ووزير المالية، مع الخوالد الثلاثة.
وجاء إنشاء اللجنة ضمن دلائل متواترة تشير إلى نهاية حقبة خليفة بن سلمان وحاشيته، حتى قبل أن يغيبه الموت، وصعود دولة حمد بن عيسى بعقيدة أمنية بحتة لا مكان فيها للسياسة والتدبير، فقط القوة والإخضاع، وحصر القوة والثروة في يد أصغر دائرة ممكنة، مع الاقتراب أكثر من أبو ظبي.
أقدم رئيس وزراء
والراحل، هو أقدم رئيس وزراء في العالم، وهو الشخصية التي لعبت أدواراً محورية في المملكة الصغيرة، وكان إلى وقت قريب مصدر سلطة قوياً، لا يضاهيه إلا الملك الحديث العهد بالحكم.
وينص الدستور على أن الملك يختار من يشغل المنصب، وكل المؤشرات كانت تصب في اتجاه أن حمد بن عيسى سيجد الفرصة مواتية لاستبعاد دائرة عمه الراحل من الحكم، واجتثاث وجوده وتركته، والاستحواذ على المنصب، وتسليمه لأحد أنجاله.
في السنوات الأخيرة من عمر رئيس الوزراء الراحل، لم يتبق للشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة نفوذ قوي ولا تأثير مثلما كان في أوج قوته، إلا رئاسة اسمية فقط.
نجله علي هو واحد من نوابه الأربعة، لكنّه مهمّش تماماً ودون فاعلية، ومنصب محافظ الجنوبية أسند لحفيده، ووكالة وزارة الداخلية لشؤون الجنسية والإقامة لزوج ابنته راشد بن خليفة آل خليفة، وكان محاصراً بقطبي النظام الجديد، الملك والقوة الثالثة أي الخوالد الذين تضاعف نفوذهم.