تفاقم قضية المهور وتكاليف الزواج الباهضة معاناة الشباب البحريني الراغبين بالزواج مما يجعل من التفكير بالارتباط بشريكة العمر مهمة مستحيلة. في ظل صعوبات تأمين السكن المستقل في مقتبل العمر وهو أحد أبرز شروط المتعارفة لدى الفتيات.
وفي مقابل سيطرة النظام البحريني على مقدرات الدولة والتمتع بها وحرمان باقي المواطنين منها، فإن موجة بطالة وغلاء وفساد تضرب مؤسسات البلاد.
وانعكس ذلك سلبا على المواطنين الراغبين بالارتباط بشريكة العمر. حيث انسحب ذلك على متوسط المهور البحرينية في عام 2020.
فقد بلغت نحو 3 آلاف دينار في ارتفاع غير مسبوق مع ارتفاع حالات الزواج في عام جائحة كورونا.
وأرجع البعض هذا الارتفاع بسبب عدم وجود تكاليف كما كان قبل الاجراءات الاحترازية التي فرضتها الجائحة.
وسجلت وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف 5 آلاف حالة زواج في أوساط المجتمع البحريني خلال العام الماضي، بلغ إجمالي قيمة المهور فيها نحو 14 مليون دينار.
وفي حين أن 3601 بلغت مهورهن أقل من 5 آلاف دينار منهن 2384 في المعدل المتعارف عليه بين ألف إلى ألفين دينار، فإن 1379 بحرينية تجاوزت مهورهن 5 آلاف دينار بما يشكل 30%، منهن 282 بحرينية تجاوز مهرها 9 آلاف دينار.
وشهدت البحرين انخفاضاً في المعدل العام للزواج بين عامي 2014 و2020.
والمعدل العام للزواج هو إجمالي عدد الزيجات لكل 1000 شخص فوق سن الـ 15 عاماً من السكان.
ويقدم هذا المقياس صورة عن الميل إلى الزواج أكثر دقة من إجمالي الزيجات لأنه يراعي التغيرات في عدد السكان، حيث تشهد البلدان التي بها أعداد كبيرة من العمال الوافدين ومعدلات مواليد عالية، مثل البحرين، تقلبات سكانية كبيرة من سنة إلى أخرى.
وعلاوة على ذلك، كان الانخفاض كبيراً جداً: فقد بلغ المعدل العام للزواج في البحرين 4.7 في عام 2019، أقل بنسبة 40٪ مما كان عليه في عام 2014، عندما كان 7.9، في حين انخفض إجمالي الزيجات بما يقارب 30٪ خلال الفترة نفسها.
وتعتبر أزمة السكن هاجس يلاحق الشبان الراغبين بالاستقلال المادي، في ظل ارتفاع مطرد بتكلفة تأسيس منزل العمر. وهذا ما يدفع الكثير من الشبان إلى العزوف عن الزواج.
وتشير قراءات سوق العقارات إلى أن كل عام يمر على البحرينيين لا يكون أفضل من سابقه من حيث ثقل المهمة والمتاعب الاقتصادية الجمة التي تواجه الراغبين ببناء منزل، والذي أصبح بالنسبة لشريحة كبيرة حلم بعيد المنال.
ففي عام 1990 كانت تكلفة بناء منزل تقدر بـ27 ألف دينار بحريني إلى أن وصلت إلى 50 ألف دينار في 2020.
وارتفعت التكلفة بشكل كبير في 2010 ووصلت إلى 73 ألف دينار، حتى بلغت في 2020 إلى نحو 100 ألف دينار.
بينما شهد العام المنصرم 2020 ارتفاعا ملحوظا بتكلفة بناء المنزل في ظل استفحال أزمة الأراضي القابلة للبناء عليها.
خيبة العمر
ويقول الناشط السياسي والإعلامي البحريني إبراهيم المدهون، عن أزمة الإسكان، إن السلطة الحاكمة تمتلك أكبر مساحة من البحار والبر. لهذا فإن بيوت الإسكان مساحتها ضيقة.
“ولا تليق بالمواطن البحريني الذي تحكمه الشريعة الإسلامية ويحتاج للخصوصية في سكنه”.
وأضاف في تصريحات تلفزيونية تابعها “بحريني ليكس”، أن المواطن البحريني ينتظر 25 عاماً ليحصل على بيت العمر ومن ثم يحصل على خيبة العمر.
واتهم هذا الناشط سلطات النظام بعدم الانتباه إلى معاناة الشعب وتركه يواجه مصيره.
وقال: “من لا يعيش معاناة الشعب لا يستطيع أن يشعر بها لهذا السلطة الحاكمة لا يعنيها ما يشعر ويمر به المواطن البحريني”.
وشدَّد المدهون على أنَّ مشكلة الإسكان في البحرين لا تعود لصغر مساحتها، حيث يتركز جميع السكان في الشرق بينما المنطقة الجنوبية خالية.
وأكد أنَّ أكثر من نصف البحرين تُعتبر أملاكًا خاصة للعائلة المالكة وكذلك منح مساكن للأجانب وقوات الجيش والأمن.
وتعاني البحرين من تضخم مهول في أعداد الوافدين إليها في السنوات الأخيرة بشكل ساهم في زيادة الضغط على البنية التحتية الهشة في المملكة.
وباتت البحرين في وضع داخلي مرتبك أمام هذه الزيادة غير الطبيعية في عدد السكان ومنهم المجنسون الجدد.
ولم تعد البنية التحتية والفرص الوظيفية ومؤسسات المملكة الخليجية الصغيرة قادرة على استيعاب هذا الطوفان البشري غير المدروس من الوافدين.
وتفتح البحرين أبوابها للعمال الأجانب للعمل في البحرين ولاحقا الحصول على الجنسية ضمن مخطط يعمل النظام على تنفيذه منذ عقود لجعل الأغلبية الشيعية أقلية في البلاد.
ويبلغ عدد العمال الأجانب في البحرين قرابة 800 ألف أجنبي، يشكلون حوالي 77 في المائة من القوى العاملة في البلاد.
إلا أن الكثير من البحرينيين ينتقدون استجلاب الأجانب وتوفير فرص عمل لهم، بحجة أنها وظائف مطلوبة ولا تتوفر لدى المتقدمين البحرينيين.