الأمم المتحدة: الحرمان الممنهج من الحرية في البحرين قد يرقى لجرائم ضد الإنسانية

حذر خبراء من الأمم المتحدة من أن حرمان الأفراد الممنهج من الحرية في البحرين قد يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية في ظل استبداد وقمع النظام الخليفي.

ونشر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي (WGAD) في الأمم المتحدة رأياً بشأن قضايا خمسة شباب بحرينيين حكم عليهم في محاكمة جماعية غير عادلة مؤلفة من 18 متهماً من قبل المحكمة الجنائية العليا البحرينية في 31 يناير 2021، والتي أصبحت تعرف باسم قضية خلية سليماني.

ووجد الفريق العامل أن الأفراد اعتقلوا تعسفيًا وشكل ذلك انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان. ونتيجة لذلك، دعا فريق WGAD الحكومة البحرينية إلى اتخاذ تدابير فورية، بما في ذلك الإفراج عن السجناء.

وقالت منظمة أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) إنها تتلقى بانتظام معلومات من أفراد بحرينيين عبر برنامجها الخاص بتقديم الشكاوى إلى الأمم المتحدة.

ورحبت منظمة ADHRB برأي الأمم المتحدة هذا، مطالبة السلطات البحرينية باتباع التوصيات الواردة دون تأخير.

إنّ الفريق العامل المعني بالإحتجاز التعسفي WGAD هو واحد من بين مكاتب الإجراءات الخاصة التابعة لمجلس حقوق الإنسان تتابع للأمم المتحدة.

ويرسل الفريق العامل كجزء من إجراءاته المعتادة، رسائل ادعاءات إلى الحكومات بشأن حالات من الاحتجاز التعسفي ذات المصداقية.

ويمكن للفريق العامل أيضاً أن يصدر آراء بشأن ما إذا كان احتجاز فرد أو جماعة تعسفيًا منتهكاً للقانون الدولي.

ويستعرض الفريق العامل القضايا في إطار خمس فئات من الاحتجاز التعسفي: عندما يتعذر الاحتجاج بأساس قانوني لتبرير الحرمان من الحرية (المادة الأولى)؛ عندما ينتج سلب الحرية عن ممارسة الحقوق في الحماية المتساوية بموجب القانون.

وحرية الفكر، وحرية الرأي والتعبير، وحرية التجمع، وغيرها (المادة الثانية)؛ عندما تكون انتهاكات الحق في محاكمة عادلة شديدة للغاية بحيث يصبح الاحتجاز تعسفياً (المادة الثالثة)؛ والاحتجاز الإداري لفترات طويلة للاجئين طالبي اللجوء (المادة الرابعة).

وعندما يكون الاحتجاز تمييزياً على أساس المولد أو الأصل الوطني أو العرقي أو الاجتماعي أو اللغة أو الدين أو الحالة الاقتصادية أو الرأي السياسي أو غيره أو نوع الجنس أو الميل الجنسي أو الإعاقة أو أي وضع آخر (المادة الخامسة).

الأفراد المعنيون بهذه القضية هم علي ناصر أحمد ناصر، علي حسن منصور يوسف مرزوق الجمري، علي محمد حسن علي حسين، سيد رضا باقر مهدي محسن فضل، وسيد فلاح حسن ناصر محسن فضل. ووجد الفريق العامل أن كل الأفراد المعنيين عانوا من انتهاكات لحقوق الإنسان.

تم اعتقال الأفراد الخمسة جميعهم، ثلاثة منهم قاصرون، في 16 يناير 2022 واقتيدوا إلى مديرية التحقيقات الجنائية (CID) وتم استجوابهم لمدة 27 يوماً قرابة الشهر.

وتشمل الانتهاكات المصرّح عنها عمليات الاعتقال دون مذكرة اعتقال، اختفاء قسري أو تعذيب.

تعرض جميع الأفراد للاختفاء القسري، حيث تم استجوابهم وتعذيبهم؛ وكان التعذيب جسديًا ونفسيًا، بدءاً من الضرب، والصفع، والصدمات الكهربائية إلى تعصيب العينين، والتهديدات بمزيد من العنف، والحرمان من النوم.

رفض بعض الضحايا الكشف عن الكثير من التفاصيل عن تعذيبهم حفاظاً على مشاعر عائلاتهم، وانتهى الأمر بالجميع باستثناء واحد منهم (سيد فلاح حسن فضل) إلى الاعتراف، لكن اعترافات الأفراد الآخرين القسرية استخدمت لإدانته.

تم استجواب جميع الأفراد بمعزل عن محاميهم، الذين لم يتمكنوا من الوصول إليهم في أي وقت قبل إجراءات المحاكمة. خلال المحاكمة، لم يتمكن اثنان من الضحايا (علي ناصر ناصر وسيد فلاح حسن فضل) من التواصل مع محاميهما.

في حين لم يسمح لمحامي سيد رضا باقر فضل بالرد خلال جلسات المحكمة ولم يتمكن إلا من تقديم ملاحظات.

ولم يسمح لأي من الضحايا الحاضرين في المحكمة بتقديم الأدلة أو التحدث في دفاعهم عن نفسهم والطعن في الأدلة ضدهم. وأثارت المحكمة الاعترافات القسرية وتجاهلت رفض الضحايا للتهم الموجهة إليهم.

وبما أن المحكمة صنفت المتهمين وأنشطتهم على أنها إرهابية، وعلى الرغم من صغر سنهم، تمكنت المحكمة من الاعتماد على القانون رقم 58 المتعلق بحماية المجتمع من الأعمال الإرهابية، بدلاً من قانون العقوبات البحريني، حيث أن عقوبات القانون الأول أقسى من تلك الخاصة بالأخير.

وقد وجدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن هذا القانون يتضمن تعريفاً واسعاً للغاية للإرهاب، وأكد الفريق العامل (WGAD) أن هذا الحكم غامض للغاية.

في 31 يناير 2021، أدانت المحكمة الجنائية العليا البحرينية الأفراد الخمسة بالانضمام إلى مجموعة أو منظمة لغرض الإخلال بالقانون أو انتهاك الحقوق والحريات.

وأدين أربعة منهم أيضا بتقديم أو تلقي الدعم والتمويل لمنظمة تمارس الإرهاب. وأدين شخص واحد فقط بتدريبهم على استخدام الأسلحة والمتفجرات التي تنوي ارتكاب جرائم إرهابية.

وتراوحت أحكام السجن بين 5 و15 سنة. وفي حين أن معظم الجرائم المزعومة ارتكبت بين عامي 2017 و2019، فإن المجموعة الإرهابية التي أدين ضحاياها بأنهم جزء من مرتكبي جرائمها كانت تركز على الانتقام من وفاة الجنرال الإيراني قاسم سليماني بعد اغتياله في عام 2020.

وفي حين أصرت الحكومة على اتباعها إجراءات قانونية، يؤكد الفريق العامل أنه منذ إنشاء حالة خرق القانون الدولي من النظرة الأولى الذي يشكل احتجازًا تعسفيًا، يقع عبء الإثبات على الحكومة لدحض هذه الادعاءات.

وبالتالي فإن تأكيد الحكومة بأن أمر التوقيف صدر لا يفي بالتزام تقديم المذكرة وقت الاعتقال، وخاصة بالنظر إلى الفشل الممنهج في الامتثال لإجراءات الاعتقال في البحرين، الذي أشار إليه الفريق العامل.

وبما أن مذكرات الاعتقال لم تقدم ولم يتم الإشارة إلى أسباب الاعتقال، فإن السلطات البحرينية لم تضع أساساً قانونياً لاعتقال الضحايا الخمسة.

إضافةً إلى ذلك، لم يُسمح لأربعة من الضحايا بالاتصال بأسرهم، وبالتالي بقي مكانهم مجهولاً. كما نفت الحكومة وقوع أي اختفاء قسري، دون إثبات هذه التأكيدات لإبطال الادعاءات.

وكان الفريق العامل يميل إلى اعتبار ذلك اختفاءً قسرياً وقد أحال القضية إلى الفريق العامل المعني بالاختفاء القسري أو غير الطوعي.

وكذلك، فإن الحكومة لا تقدم أي دليل ضد الادعاء بأنه تم احتجاز الأفراد بمعزل عن العالم الخارجي في المرحلة الأولى من احتجازهم، مما يعني أنهم لا يستطيعون الطعن في احتجازهم، ويشكل ذلك انتهاكاً للمادة 9 (4) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

كما لاحظ فريق العمل المعني بالاحتجاز التعسفي بقلق التأخير في عرض الضحايا على القاضي، خاصةً بما يتعلق بقضايا القاصرين علي حسن الجمري وسيد فلاح حسن فضل وسيد رضا باقر فضل، الذين يخضعون بصفتهم قاصرين لمعيار صارم يجبر السلطات على تقديمهم أمام المحكمة في غضون 24 ساعة من لحظة القبض عليهم.

ولم تقدّم الحكومة أي مبرر لهذا الانتهاك للمادة 9 (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة 37 (د) من اتفاقية حقوق الطفل. نتيجةً لهذه الانتهاكات بالإضافة إلى استخدام قانون مكافحة الإرهاب الواسع للغاية، فشلت الحكومة في وضع أساس قانوني لاحتجاز الأفراد الخمسة جميعهم.

إذ وجد الفريق المعني بالاحتجاز التعسفي أنهم محتجزين بشكل تعسفي بموجب المادة الأولى.

بينما نفت الحكومة الادعاءات المتعلقة بالتعذيب الذي تعرض له الضحايا بدعوى الالتزام بالمعايير الدولية، وجد الفريق المعني بالاحتجاز التعسفي الادّعاء غير مقنع، واعتبر ادعاءات التعذيب ذات مصداقية وتنتهك للمادة 5 من الإعلان العالمي، المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادتان 2 و16 من اتفاقية مناهضة التعذيب.

كما لاحظ الفريق أن استخدام القوة على الطفل في قضية القاصرين الثلاثة هو إساءة بالغة للسلطة، وفيه انتهاك للمادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل، ودعا إلى إجراء تحقيق شامل ومستقل في جميع ادعاءات التعذيب.

وفيما يتعلق بالحق في الاستعانة بمحامٍ، أشار الفريق العامل إلى أن لجميع الأشخاص المحرومين من حريتهم الحق في الحصول على مساعدة قانونية من قِبل محامٍ من اختيارهم في أي وقت أثناء احتجازهم، بما في ذلك بعد اعتقالهم مباشرةً.

على هذا النحو، وجد أن الحكومة قد فشلت في ضمان حق الأفراد الخمسة في الحصول على المساعدة القانونية في جميع الأوقات، وفقا للمادتين 9 و14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

إذ حُرم الضحايا من التواصل مع محاميهم في نقاط مختلفة من الاستجواب والاحتجاز والمحاكمة.

وقد أثار الفريق العامل القلق بشأن حقيقة أن هذا الانتهاك بالفعل قوض وأضعف قدرة الأفراد على الدفاع عن أنفسهم في أي إجراءات قضائية لاحقة.

بالإضافة إلى ذلك، شدد الفريق العامل على أن المحاكمات الجماعية لا تفي بمعايير المحاكمة العادلة لأنه من المستحيل أثناء هذه الإجراءات إعطاء تقييم محدد للمسؤولية الفردية.

وبذلك، وجد الفريق العامل أن الانتهاكات التالية لحقوق الضحايا في المحاكمة العادلة جعلت احتجازهم تعسفياً يندرج تحت المادة الثالثة.

أخيرًا، رأى الفريق العامل أّن السيد فلاح حسن فضل وعلي ناصر ناصر كانا محتجزين تعسفياً تحت بند المادة الخامسة.

وقد تم تقديم صور مشاركة سيد فلاح فضل في الاحتجاجات منذ أكثر من تسع سنوات كدليل من قبل النيابة.

وسبق اعتقال علي ناصر ناصر لمشاركته في تجمعات سلمية حول منزل جده الذي يمثل شخصية دينية بارزة في البحرين.

لذلك، كان تعبيرهم عن آرائهم السياسية سبباً لإدانتهم في القضية  التي لا صلة لها، وهو إدعاء لم تقدم الحكومة تفسيراً له.

واختتم الفريق بالإعراب عن قلقه بشأن الأوضاع الصحية للسجناء ودعا الحكومة إلى الإفراج الفوري عن الأفراد الخمسة، مما أثار المزيد من القلق بشأن العديد من حالات الاعتقال التعسفي في البحرين، مشيراً إلى أن الحرمان من الحرية على نطاق واسع أو ممنهج في انتهاك قواعد القانون الدولي يشكل جرائم ضد الإنسانية.

أكد الفريق أيضاً على أهمية السماح للسجناء بالاتصال بأسرهم، على الرغم من أن الحكومة نفت الادعاءات التي قامت بتقييد وصول السجناء إلى أسرهم، تذكيراً بقانون الحكومة المسؤولية.

كما سلط الفريق الضوء على أن ثلاثة من السجناء القاصرين تلقوا أحكاماً قاسية بدلاً من تركيز الحكومة على إعادة دمجهم. وأعرب الفريق العامل عن استعداده لزيارة البحرين والمشاركة الهادفة مع الحكومة.

وتدعم منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين توصيات فريق العمل المعني بالاحجتاز التعسفي وتردد دعواتها للإفراج عن الأفراد الخمسة على الفور وتزويدهم بالتعويض المناسب وفقاً للقانون الدولي.

كما ورددت ADHRB مطالب الفريق من أجل إجراء تحقيق كامل ومستقل في الظروف المحيطة بالحرمان التعسفي من الحرية للضحايا الخمسة من أجل اتخاذ التدابير المناسبة ضد المسؤولين عن انتهاك حقوقهم.

Exit mobile version