شككت رابطة الصحافة البحرينية في جدية النظام الخليفي الحاكم في البحرين في معالجة أخطاء ملف الجنسية في ظل إصرارها على عدم مراجعة سياسات إسقاط الجنسية عن المعارضين ونشطاء الرأي.
وخلال يونيو/ حزيران الفائت، أعلن وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة عن تشكيل “لجنة لمراجعة جميع حالات اكتساب الجنسية البحرينية اعتبارا من عام 2010 للتأكد من صحة البيانات والمستندات التي تم على أساسها نيل الجنسية البحرينية لاتخاذ ما يلزم بهذا الشأن”.
وبحسب ما أوردته وكالة أنباء البحرين الرسمية، فإن تشكيل اللجنة “يأتي بناء على ما أسفرت عنه نتائج التحريات والمراجعات التي قامت بها شؤون الجنسية والجوازات والإقامة للحاصلين على الجنسية البحرينية والتي تبين من خلالها وجود أشخاص حصلوا على الجنسية البحرينية بالمخالفة للقانون أو من خلال تقديم معلومات وبيانات غير صحيحة أو مستندات مزورة”.
وتزامن اعتراف الحكومة بوجود مخالفات في عمليات التجنيس مع سحب جنسية عدد من المتجنسين لأسباب مختلفة.
رغم ذلك، إن مراجعة ملف الجنسية في البحرين يجب أن يكون في اتجاهين، الاتجاه الأول يتمثل في مراجعة سياسات منح الجنسية التي تمت لأسباب سياسية وبطريقة مخالفة للقانون، والاتجاه الثاني في مراجعة سياسات إسقاط الجنسية عن المواطنين الأصليين والتي تمت لأسباب سياسية وكانت مخالفة للقانون أيضاً
وقالت الرابطة في بيان تلقى “بحريني ليكس” نسخة منه، إن من واجب الدولة اليوم بمؤسساتها الرسمية أن تعمل جادّة على إنصاف البحرينيين المسقطة جنسياتهم لأسباب سياسية، وبشكل جادّ لإنهاء معاناة مئات الأسر البحرينية.
منذ اندلاع الاحتجاجات في فبراير/ شباط 2011 لجأت السلطات إلى عدد من السياسات الغير دستورية لمعاقبة المعارضين، واستخدمت سحب “الجنسية” كأداة معاقبة وانتقام في الأزمة السياسية.
في 13 يناير / كانون الثاني 2015 أقدمت السلطات البحرينية على إسقاط الجنسية من عشرات النشطاء السياسيين من البحرينيين، عمليات السحب لم تصاحبها أي إجراءات قضائية ولم تكن مدعّمة بأي أدلة، ما جعلها أقرب للمعاقبة السياسية، وقد ضمت تلك القائمة أسماء أربعة صحفيين وإعلاميين فمن هم؟
أولاً: علي عبدالإمام
مدون وإعلامي، ومؤسس لأهم وأشهر موقع ومنتدى إخباري (ملتقى البحرين/بحرين أونلاين).
تعرض عبدالإمام للاعتقال في عام 2005 وأفرج عنه بعد ضغوط محلية ودولية، لكن السلطات عادت واعتقلته بعد 5 أعوام وضمته إلى “خليّة إرهابية” ضمت نشطاء سياسيين بارزين معروفين بمعارضتهم للسياسات الحكومية. تعرض علي عبدالإمام خلال الاعتقال إلى تعذيب شديد تم توثيقه من قبل منظمات دولية، وأفرج عنه بعد حوالي 6 أشهر بسبب الضغوط التي رافقت أكبر احتجاجات شهدتها البحرين.
مع إعلان حالة السلامة الموطنية في مارس/ آذار 2011، توارى عبدالإمام عن الأنظار وبقي مطلوباً للسلطات الأمنية، وصدر بحقه حكم غيابي بالسجن 15 عاماً بسبب نشاطه الإعلامي.
تمكن عبدالإمام من مغادرة البحرين والتوجه إلى بريطانيا في مايو/ أيار 2013، ومنح اللجوء السياسي هناك.
أسقطت جنسية عبدالإمام بأمر من وزير الداخلية في 13 يناير 2015 ضمن قائمة شملت 72 بحرينياً معظمهم من النشطاء والمعارضين. لدى عبدالإمام ولدين لا يمتلكون الجنسية البحرينية بسبب إسقاط جنسية والدهم قبل ولادتهم.
ثانيًا: علي الديري
كاتب وناقد ثقافي، نشر عشرات المقالات في صحيفتي الأيام والوقت المحليتين، وله العديد من المؤلفات الفكرية والثقافية. اضطر الديري للخروج من البلاد بعد سحق الاحتجاجات في مارس /آذار 2011 واتخذ من العاصمة اللبنانية بيروت مقرّاً له.
ينشط الديري في تأليف الكتب وتقديم المراجعات النقدية للكتب والمؤلفات المختلفة، كما يعمل على نشر مقالات دورية في صحيفة الأخبار اللبنانية منذ 2011.
أسقطت جنسيته بأمر من وزير الداخلية في 13 يناير 2015 ضمن قائمة شملت 72 بحرينياً معظمهم من النشطاء والمعارضين.
بعد إسقاط جنسيته، توجه الديري إلى كندا التي منحته حق اللجوء السياسي.
ثالثاً: عباس بوصفوان
صحفي وكاتب بحريني، عمل لسنوات طويلة في عدد من الصحف البحرينية. عمل في صحف الوسط والأيام والوقت، وأسس لاحقاً صحيفة “أسواق” الاقتصادية، وترأس تحريرها.
اضطر بوصفوان لمغادرة البلاد بعد سحق الاحتجاجات في مارس/ آذار 2011، واستقر في العاصمة البريطانية لندن التي منحته حق اللجوء السياسي.
أسقطت جنسيته بأمر من وزير الداخلية في 13 يناير 2015 ضمن قائمة شملت 72 بحرينياً معظمهم من النشطاء والمعارضين.
يعمل بوصفوان مذيعاً في قناة اللؤلؤة البحرينية كما يرأس مركز البحرين للدراسات في لندن، بالإضافة إلى كتابة مقالات دورية في صحيفة الأخبار اللبنانية.
رابعًا: حسين يوسف
مدون وإعلامي، وأحد المساهمين في تأسيس موقع ملتقى البحرين الإخباري (بحرين أونلاين)، تعرض للاعتقال في 2005 بسبب إدارته إلى جانب علي عبدالإمام وسيد محمد الموسوي لموقع بحرين أونلاين، وأفرج عن الثلاثة بعد ضغوط محلية ودولية.
في العام 2011 غادر حسين يوسف البلاد في فبراير 2011 لتجنيب نفسه خطر التعرض للاعتقال واستقر في بيروت لبضع سنوات.
أسقطت جنسيته بأمر من وزير الداخلية في 13 يناير 2015 ضمن قائمة شملت 72 بحرينياً معظمهم من النشطاء والمعارضين.
بعد إسقاط جنسيته، توجه إلى كندا التي منحته حق اللجوء السياسي.
بعد حوالي 10 أعوام على إسقاط جنسية هؤلاء الصحافيين والكتاب، ومع بدء السلطات البحرينية في مراجعة سياساتها في قضايا منح الجنسية، فإنه من الضروري والانصاف الشروع في مراجعة سياسات إسقاط/سحب الجنسية التي شابتها شبهات المعاقبة والانتقام السياسي وعدم الدستورية أيضاً.
إن استمرار السلطات في عدم مراجعة سياسات إسقاط الجنسية يجعل من سياساتها الهادفة إلى تصحيح الأخطاء في ملف الجنسية البحرينية عملية شكلية مشكوك في جديتها.
كل يوم يبقى فيه هؤلاء الصحفيون وزملائهم بلا جنسية، هو يوم آخر من المعاناة لهم ولأسرهم. حان الوقت لإغلاق هذا الملف والتراجع عن هذه الإجراءات التي تمت في ظروف سياسية بالغة التعقيد، كان محرّكها الأساسي الانتقام من المعارضين.
وإن إعادة الجنسية إلى علي عبدالإمام وعلي الديري وعباس بوصفوان وحسين يوسف بات ضرورة ملحّة لإثبات جدية الحكومة في محاولاتها لطيّ صفحة الماضي بكل ما رافقها من أخطاء، وهي خطوة إن تمت، ستكون موضع ترحيب.